للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ووَجْهُ الأوّلِ أنَّ المَعْرُوفَ مِن كلام الناسِ أنَّه للنِّساءِ، فلا يُحْمَلُ اللَّفْظُ إلَّا عليه، ولأنَّ الأرامِلَ جَمْعُ أرْمَلَةٍ، فلا يكونُ جَمْعًا للمُذَكَّرِ؛ لأنَّ ما يَخْتَلِفُ لَفْظُ الذَّكَرِ والأُنْثَى في واحدِه يخْتَلِفُ في جَمْعِه، وقد أنْكَرَ ابنُ الأنْبارِيِّ على قائلِ القَوْلِ الأوّل، وخَطَّأه فيه، والشِّعْرُ الَّذي احْتَجَّ به حُجَّة عليه، فإنَّه لو كان لَفْظُ الأَرامِلِ يَشْمَلُ الذَّكَرَ والأُنْثَى، لقال: حاجَتَهمْ. إذ لا خِلافَ بينَ أهْلِ اللِّسانِ في أنَّ اللَّفْظَ متى كان للذكَرِ والأُنْثَى، ثم رُدَّ عليه ضَمِيرٌ، غُلِّب فيه لَفْظُ التَّذْكِيرِ وضَمِيرُه، فلمّا رُدَّ الضَّمِيرُ على الإِناثِ، عُلِم أنَّه مَوْضُوعٌ لَهُنَّ على الانْفِرادِ، وسَمَّى نَفْسَه أرْمَلًا تَجَوُّزًا وتَشْبِيهًا بهِنَّ، ولذلك وَصَف نَفْسَه بأنَّه ذَكَرٌ. وكذلك الشِّعْرُ الآخرُ، ويَدُلُّ على إرادَةِ المَجازِ أنَّ اللَّفْظَ عندَ إطْلاقِه لا يُفهَمُ منه إلَّا النِّساءُ، ولا يُسَمَّى به في العُرْفِ غيرُهُنَّ، وهذا دَلِيلٌ على أنَّه لم يُوضَعْ لغيرِهِنَّ، ثم لو ثَبَت أنَّه في الحَقِيقةِ للنِّساءِ والرجالِ لكنَّ أهْلَ العُرْفِ قد خَصُّوا به النِّساءَ، وتُرِكَتِ الحَقِيقةُ حتَّى صارتْ مَغْمُورَةً (١)، لا تُفْهَمُ مِن لَفْظِ المُتَكَلِّمِ، ولا يتَعلَّقُ بها حُكْمٌ، كسائِرِ الأَلْفاظِ العُرْفِيَّةِ.

فصل: وإن وَقَف على أخَواتِه، فهو للإِناثِ خاصَّةً، وإن وَقَف على إخْوَتِه، دَخَل فيه الذَّكَرُ والأُنْثَى جميعًا؛ لأنَّ اللهَ تعالى قال: {وَإِنْ كَانُوَا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً} (٢). وقال: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} (٣).


(١) في م: «مهجورة».
(٢) سورة النساء ١٧٦.
(٣) سورة النساء ١١.