فصل: ولا يَجِبُ تَعْمِيمُهم إجْماعًا؛ لأنَّه غيرُ مُمْكِن. ويَجُوزُ تَفْضِيلُ بعضِهم على بعضٍ، لأنَّ مَن جاز حِرْمانُه جاز تَفْضِيلُ غيرِه عليه. ويجوزُ الاقْتِصارُ على واحدٍ منهم. ويَحْتَمِلُ أن لا يُجْزِئَه أقَل مِن ثَلاثَةٍ. وهو مَذْهَبُ الشافعيِّ. ووَجْهُ القَوْلَينِ (١) قد ذُكِر في الزكاةِ، والأوَّلُ ظاهِرُ المَذْهَبِ.
فصل: فإن كان الوَقْفُ في ابْتِدائِه على مَن يُمْكِنُ اسْتِيعابُه، فصار ممّا لا يُمْكِنُ اسْتِيعابُه، كرجل وَقَف على وَلَدِه ووَلَدِ وَلَدِه، وعَقِبِه ونَسْلِه، فصارُوا قَبِيلةً كَثِيرةً تَخْرُجُ عن الحَصْرِ، مثلَ وَقْفِ عليٍّ، رَضِيَ اللهُ عنهِ، على وَلَدِه ونَسْلِهِ، فإنَّه يَجِبُ تَعْمِيمُ مَن أمْكَنَ منهم، والتَّسْويةُ بينَهم، لأنَّ التَّعْمِيمَ كان واجِبًا، وكذلك التَّسْويةُ، فإذا تَعذَّرَ، وَجَب منه ما أمْكَنَ، كالواجِبِ الَّذي يَعْجِزُ عن بعضِه؛ ولأنَّ الواقِفَ ههُنا أرادَ التَّعْمِيمَ والتَّسْويةَ، لإمْكانِه وصَلاحِ لَفْظِه لذلك، فيَجِبُ العَمَلُ بما أمْكَنَ، بخِلافِ ما إذا كانُوا حال الوَقْفِ ممَّن لا يُمْكِنُ ذلك فيهم.