أنَّ حديثَ فاطمةَ قَضِيَّةٌ في عَينٍ، يَحْتَمِلُ أنَّها أخْبَرَتْه أن لا عادَةَ لها، أو عَلِم ذلك مِن غيرِها، وحديثُ عَدِيِّ بنِ ثابِتٍ عامٌّ في كلِّ مُسْتَحاضَةٍ، فيَكُونُ أوْلَى، ولأنَّ العادَةَ أقْوَى؛ لكَوْنِها لا تَبْطُلُ دَلالتُها، واللَّوْنُ إذا زاد على أكْثَرَ الحَيضِ، بَطَلَتْ دَلالتُه، فما لا تَبْطُلُ دَلالتُه أوْلَى.
فصل: ومَن كان حَيضُها خَمْسَةَ أيَّامَ مِن أوَّلِ كلِّ شَهْرٍ، فاسْتُحِيضَتْ، وصارَتْ تَرَى ثلاثَةً دَمًا أسْوَدَ في أوَّلِ كلِّ شَهْرٍ، فمَن قَدَّمَ العادَةَ، قال: تَجْلِسُ في كلِّ شَهْير خَمْسَةً، كما كانت قبلَ الاسْتِحاضَةِ. ومَن قَدَّمَ التَّمْييزَ، جَعَل حَيضَها الثَّلَاثَةَ التي فيها الأسْوَدُ، إلَّا أَنَّها إنَّما تَجْلِسُ الثلاثةَ في الشَّهْرِ الثاني؛ لأنّا لا نَعْلَمُ أَنَّها مُسْتَحاضَة إلُّا بتَجاوُزِ الدَّمِ أكُثَرَ الحَيضِ، ولا نَعْلَمُ ذلك في الشَّهْرِ الأوَّلِ. فإن رَأتْ في كلِّ شَهْر عَشَرَةً دَمًا أسْوَدَ، ثم صار أحْمَرَ واتَّصَل، فمَن قال: إنَّها لا تَلْتَفِتْ إلى ما زاد على العادَةِ حتَّى يَتَكَرَّرَ. لم يُحَيِّضْها في الشَّهْرَين الأوَّلَين أو الثلاثةِ على اخْتِلافِ الرِّوايَتَين إلَّا خَمْسَةً، قَدْرَ عادَتِها. ومَن قال: إنَّها إذا زادَتْ على العادَةِ جَلَسَتْه بأوَّلِ مَرَّةٍ. أجْلَسَها في الشَّهْرِ الأوَّلِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، ثم تَغْتَسِلُ وتُصَلِّي، وفي الثاني تَجْلِسُ أيَّامَ العادَةِ، وهي الخمسةُ الأُولَى مِن الشَّهْرِ عندَ مَن يُقَدِّمُ العادَةَ على التَّمْيِيزِ، ومَن قَدَّمَ التِّمْيِيزَ ولم يَعْتَبِرْ فيه التِّكْرارَ، أجْلَسَها العَشَرَةَ كلَّها. فإذا تَكَررَ ثَلَاثَةَ أشْهُرٍ على هذا الوَصْفِ، فقال القاضي: تَجْلِسُ العَشَرَةَ في الشَّهْرِ الرابع، على الرِّوايَتَين جَمِيعًا؛ لأنَّ الزِّيادَةَ على العادَةِ ثَبَتَتْ بتَكْرارِ الأسْوَدِ. وقال شيخُنا (١): ويَحْتَمِلُ