للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

منه اقْتَضتِ الثَّوابَ، في أحَدِ القَوْلَين. وهو قولُ مالِكٍ؛ لقولِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عنه: مَن وَهَب هِبَةً أراد بها الثَّوابَ فهو على هِبَتِه، يَرْجِعُ فيها إذا لم يُرْضَ منها (١). ولَنا، أنَّها عَطِيَّة على وَجْهِ التَّبَرُّعِ، فلم تَقتَض ثَوابًا، كهِبَةِ المِثْلِ والوَصِيَّةِ، وقولُ عُمَرَ قد خالفَه ابْنُه وابنُ عباسٍ، فلا يَبْقَى حُجَّةً. فإن عَوَّضَه عن الهِبَةِ كانت هِبَةً مُبْتَدَأةً لا عِوَضًا، أيُّهما. أصاب عَيبًا لم يكنْ له الرَّدُّ. وإن خَرَجَتْ مُسْتَحَقَّةً أخَذَها صاحِبُها، ولم يَرْجِعِ المَوْهُوبُ له ببَدَلِها. فإن شَرَط في الهِبَةِ ثَوابًا مَعْلُومًا، صَحَّ. نَصَّ عليه؛ لأنَّه تَمْلِيكٌ بعِوَض مَعْلُوم، فهو كالبَيعِ (٢)، وحُكْمُها حُكْمُ البَيعِ في ثُبُوتِ الخِيارِ والشُّفْعَةِ. وبه قال أصحابُ الرَّأْي. ولأصحابِ الشافعيِّ قولٌ، أنَّها لا تَصِحُّ، لأنَّه شَرَط في الهبَةِ ما يُنافِي مُقْتَضاها. ولَنا، أنَّه تَمْلِيكَ بعِوَض، فصَحَّ، كما لو قال: مَلَّكْتُكَ هذا بدِرْهَمٍ. فإنَّه لو أطْلَقَ التَّملِيكَ كان هِبَةً، فإذا ذَكَر العِوَضَ صار بَيعًا. وفيه رِوايَةٌ أُخْرَى ذَكَرَها أبو الخَطّابِ، أنَّه يَغْلِبُ عليها حُكْمُ الهِبَةِ، فلا تَثْبُتُ فيها أحْكامُ البَيعَ المُخْتَصَّةُ به.


(١) أخرجه الإمام مالك، في: باب القضاء في الهبة، من كتاب الأقضية. الموطأ ٢/ ٧٥٤.
(٢) في م: «كالهبة».