للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وهو قولُ مالِكٍ، وأبي ثَوْرٍ، لأنَّ الهِبَةَ أحَدُ نَوْعَي التَّمْلِيكِ، فكان منها ما لا يَلْزَمُ قبلَ القَبْضِ، ومنها ما يَلْزَمُ قبلَه، كالبَيعِ، فإنَّ منه ما لا يَلْزَمُ إلَّا بقَبْضٍ، وهو الصَّرفُ وبَيعُ الرِّبَويّاتِ، ومنه ما يَلْزَمُ قبلَه، وهو ما عَدا ذلك. فأمّا حديثُ أبي بكرٍ في هِبَتِه لعائشةَ،، فإنَّ جِذَاذَ عِشْرِين وَسْقًا يَحْتَمِلُ أنَّه أراد به عِشْرِين وَسْقًا مَجْذُوذَةً، فيكونُ مَكِيلًا غيرَ مُعَيَّن، وهذا لابُدَّ فيه مِن القَبْضِ، وإن أراد نَخْلًا يُجَذ عِشْرِين وَسْقًا، فهو أيضًا غيرُ مُعَيَّنٍ، فلا تَصِحُّ الهِبَةُ فيه قبلَ تَعْيِينه، فيكونُ مَعْناه: وَعَدْتُكِ بالنِّحْلَةِ. وقولُ عُمَرَ أراد به النَّهْيَ عن التَّحَيُّلِ بنِحْلَةِ الوالِدِ وَلَدَه نِحْلَةً مَوْقُوفَةً على المَوْتِ، فيُظْهِرُ: إنِّي نَحَلْتُ وَلَدِي شيئًا. ويُمْسِكُه في يَدِه يَسْتَعْمِلُه (١)، فإذا مات أخَذَه وَلَدُه بحُكْمِ النِّحْلَةِ التي أظْهَرَها، وإن مات وَلَدُه أمْسَكَه، ولم يُعْطِ [وَرَثَةَ ولدِه] (٢) شيئًا. وهذا على هذا الوَجْهِ مُحَرَّمٌ، فنَهاهُم عن هذا حتى يَحُوزَها الوَلَدُ دُونَ والِدِه، فإن مات وَرِثَها


(١) في م: «يستغله».
(٢) في م: «ورثته».