فصل: قد ذَكَرْنا أنَّ هِبَةَ المَجْهُولِ لا تَصِحُّ. نَصَّ عليه أحمدُ، في رِوايَةِ أبي داودَ، وحَرْبٍ. وبه قال الشافعيُّ. قال شيخُنا (١): ويَحْتَمِلُ أنَّ الجَهْلَ إذا كان مِن الواهِبِ مَنَع الصِّحَّةَ؛ لأنَّه غَرَرٌ في حَقِّه، وإن كان مِن المَوْهُوبِ له لم يَمْنَعْها؛ لأنَّه لا غَرَر في حَقِّه، فلم يُعْتَبَرْ في حَقِّه العِلْمُ بما يُوهَبُ له، كالوَصِيةِ. وقال مالِكٌ: تصِحُّ هِبَة المَجْهُولِ؛ لأنَّه تبَرُّعٌ، فصَحَّ في المَجْهُولِ، كالنَّذْرِ والوَصِيَّةِ. ولَنا، أنَّه عَقْدُ تَمْلِيكٍ لا يَصِحُّ تَعْلِيقُه بالشُّرُوطِ، فلم يَصِحَّ في المَجْهُولِ، كالبَيعِ، بخِلافِ النَّذْرِ