فصل: وأمّا إذا وَقَف ثُلُثَه في مَرَضِه على بعضِ وَرَثَتِه، فقد اخْتَلَفَتِ الرِّوايَةُ عن أحمدَ في ذلك فرُويَ عنه عَدَمُ الجَوازِ، فإن فَعَل، وَقَف على إجازَةِ الوَرَثَةِ، فإَّنه قال، في رِوايَةِ إسحاقَ بنِ إبراهيمَ، في مَن وَصَّى لأولادِ بِنْتِه بأرْض تُوقَفُ عليهم، فقال: إن لم يَرِثوه فجائِزٌ. فظاهرُ هذا أنَّه لا يَجُوزُ الوَقْفُ عليهم في المَرَضِ. اخْتارَه أبو حَفْص العُكْبَرِيُّ، وابنُ عَقِيلٍ. وإليه ذَهَب الشافعيُّ. والثانيةُ، يَجُوزُ أنَّ يَقِفَ عليهم ثُلُثَه، كالأجانِبِ، فإنَّه قال، في رِوايَةِ جَماعَةٍ منهم المَيمُونِيُّ: يَجُوزُ للرجلِ أنَّ يَقِفَ في مَرَضِه على وَرَثَتِه. فقِيلَ له: أليس تَذْهَبُ إلى أنَّه لا وَصِيَّةَ لوَارِثٍ؟ فقال: نعم، والوَقْفُ غيرُ الوَصِيَّةِ، ولأنَّه لا يُباعُ ولا يُورَثُ، ولا يَصِيرُ مِلْكًا للوَرَثَةِ، بل يَنْتَفِعُون بغَلَّتِها. وقال، في رِوايَةِ أحمدَ بنِ الحسنِ: إنَّه صَرَّحَ في مَسْألَتِه بوَقْفِ ثُلُثِه على بعضِ وَرَثَتِه دُونِ بعضٍ،