جَلَسَتْها مِن أوَّلِ كلِّ شَهْرٍ، في أحَدِ الوَجْهَين. وفي الآخَرِ، تَجْلِسُها بِالتَّحَرِّي) وهذا الحالُ الثاني مِن أحوالِ النّاسِيَةِ وهي تَتَنَوَّعُ نَوْعَين، النَّوْعُ الأوَّلُ، أن لا تَعْلَمَ لها وَقْتًا أصْلًا، مِثْلَ أن تَعْلَمَ أنَّ حَيضَها خَمْسَةُ أيّامٍ، ففيه وَجْهان، أحَدُهما، تَجْلِسُه مِن أوَّلِ كلِّ شَهْرٍ إذا كان يَحْتَمِلُ؛ لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال لحَمْنَةَ:«تَحَيَّضِي سِتَّةَ أيَّامٍ، أَوْ سَبْعَةَ أيَّامٍ، في عِلْمِ اللهِ، ثُمَّ اغْتَسِلِي، وَصَلِّي أرْبَعًا وَعِشْرِينَ لَيلَةً، أَوْ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ لَيلَةً وَأيَّامَهَا، وَصُومِي»(١). فقَدَّمَ حَيضَها على الطُّهْرِ، ثم أمَرَها بالصلاةِ والصومِ في بَقِيَّةِ الشَّهْرِ، ولأنَّ المُبْتَدَأةَ تَجْلِسُ مِن أوَّلِ الشَّهْرِ، مع أنَّها لا عادَةَ لها، فكذلك النّاسِيَةُ، ولأنَّ دَمَ الحَيضِ دَمُ جِبِلَّةٍ، والاسْتِحاضَةُ عارِضَةٌ، فإذا رَأتِ الدَّمَ، وَجَب تَغْلِيبُ دَم الحَيضِ الثاني، أنَّها تَجْلِسُ بالتَّحَرِّي والاجْتِهادِ. اخْتارَه أبو بكرٍ، وابنُ أبي موسى؛ لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَدَّها إلى اجْتِهادِها في القَدْرِ، فكذلك في الوَقْتِ، ولأنَّ للتَّحَرِّي مَدْخَلًا في الحَيضِ؛ لأنَّ المُمَيزةَ تَرْجِعُ إلى صِفَةِ الدَّم، فكذلك في زَمَنِه، فإن لم يَغْلِبْ على ظَنِّها شيءٌ، تَعَيَّنَ إجْلاسُها مِن أوَّلِ الشَّهْرِ، لعَدَمِ الدَّلِيلِ فيما سِواه.