قال الزُّبَيرُ: إلى هذا نَذْهَبُ. ولأنَّ المال أحَدُ نَوْعَي الحُقُوقِ، فلم يَمْلِكْ مُطالبَةَ أبيه به، كحُقُوق الأبدانِ. ويُفارِقُ الأبُ غيرَه بما يَثْبُتُ له مِن الحَق على وَلَدِه. فإن مات الابنُ فانْتقَلَ الدَّينُ إلى وَرَثَتِه، لم يَمْلِكُوا مُطالبَةَ الأبِ؛ لأنَّ مَوْرُوثَهم لم يكنْ له المُطالبَةُ، منهم أوْلَى. فإن مات الأبُ، فقِيلَ: يَرْجِعُ الابنُ في تَرِكَتِه بدَينِه؛ لأنَّ دَينَه عليه لم يَسْقُطْ عن الأبِ، وإنَّما تَأخَّرَتِ المُطالبَةُ. وعن أحمدَ، إذا مات الأبُ بَطَل دَينُ الابنِ. وقال، في مَن أخَذَ مِن مَهْرِ ابْنَتِه شيئًا فأنْفَقَه: ليس عليه شيءٌ، ولا يُؤْخَذُ مِن بعدِه، وما أصابت مِن المَهْرِ مِن شيء بعَينِه أخَذَتْه. وتأوَّلَ بعضُ (١) أصحابنا كلامَ أحمدَ على أنَّه أخَذَه على سَبِيلِ التَّمْلِيك؛ لأن أخْذَه له وإنْفاقَه دَلِيل على قَصْدِ التَّمْلِيك، فيَثْبُتُ المِلْكُ له بذلك الأخْذِ. والله أعلمُ.