فصَحَّ، كغيرِ المَرِيضِ. فعلى هذا، لو باع عَبْدًا لا يَمْلِكُ غيرَه قِيمَتُه ثَلاثُونَ بعَشَرَةٍ، فقد حابَى المُشْتَرِيَ بثُلُثَيْ مالِه، وليس له المحاباةُ بأكْثَرَ مِن الثُّلُثِ، فإن أجاز الوَرَثَةُ ذلك، لَزِم البَيعُ، وإن رَدُّوا فاخْتارَ المُشْتَرِي فَسْخَ البَيعِ، فله ذلك؛ لأن الصَّفْقَةَ تَبَعَّضَتْ في حَقِّه، فإنِ اخْتارَ إمْضاءَ البَيعِ، فقال شيخُنا (١): عندِي أَنه يَأْخُذُ نِصْفَ المَبِيعِ بنِصْفِ الثَّمَنِ، ويُفْسخُ البَيعُ في الباقِي. وهذا أحَدُ الوَجْهَين لأصحابِ الشافعيِّ. والوَجْهُ الثانِي، أنَّه يَأْخُذُ ثُلُثَيِ المَبِيعِ بالثَّمَنِ كلِّه. وإلى هذا أشارِ القاضي في نحو هذه المَسْألَةِ؛ لأنَّه يَسْتَحِقُّ الثُّلُثَ بالمُحاباةِ والثُّلُثَ الآخرَ بالثمنِ. وقال أهلُ العِراقِ: يقالُ له: إن شِئْتَ أدَّيتَ عَشَرَةً أُخْرى وأخَذْتَ المَبِيعَ، وإن شِئْتَ فَسَخْتَ ولا شيءَ لك. وعندَ مالِكٍ، له أن يَفْسَخَ ويَأْخُذَ ثُلُثَ المَبِيعِ بالمُحاباةِ، ويُسَمِّيه أصْحابُه خُلْعَ الثُّلُثِ. ولَنا، أنَّ ما ذَكَرْناه مُقابَلَةُ بعضِ المَبِيعِ بقِسْطِه مِن الثَّمَنِ عندَ تَعذُّرِ أخْذِ جَمِيعِه بجَمِيعِه، فصَحَّ ذلك، كما لو اشْتَرَى سِلْعَتَين بثَمَنٍ فانْفسَخَ البَيعُ في إحْداهما لعَيبٍ أو غيرِه، أو كما لو اشْتَرَى شِقْصًا وسَيفًا، فأخَذَ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ، أو كما لو اشْتَرَى قَفِيزًا يُساوى ثَلاثينَ بقَفِيزٍ قِيمَتُه عَشَرَةٌ. وأمّا الوَجْهُ الثاني الذي اخْتارَه القاضي، فلا يَصِحُّ؛ لأنَّه أوْجَبَ له المَبِيعَ بثَمَنٍ، فيَأْخُذُ بعضه بالثَّمَنِ كلِّه، فلا يَصِحُّ،؛ لو قال: بِعْتُكَ هذا بمائةٍ. فقال: قد قَبِلْتُ نِصْفَه بها. ولأَنه إذا فَسَخ البَيعَ في بعضِه وَجَب أن يَفْسَخَه بقَدْرِه مِن ثَمَنِه،