وقد صار وارِثًا مع أخيه، فوَرِثَ نِصْفَ قِيمَةِ رَقَبَتِه ونِصْفَ قِيمَةِ أخِيه، ووَرِثَ أخُوه الباقِيَ، وكان أخوه المَوْهُوبُ له هِبَةً مِن المَريضِ له، فيَعْتِقُ بقَرابَتِه له، ولم يَعْتِقْ مِن المَرِيضِ، فلم يكُنْ عِتْقُه وَصِيَّةً، بل اسْتَهْلَكَها بالعِتْقِ الَّذي جَرَى فيها فيَغْرَمُ الأوَّلُ نِصْف قِيمَتِه ونِصْفَ قِيمَةِ أخِيه لأخِيه. وأمّا قولُ أبي حنيفةَ، فإن كان المَيِّتُ لم يَدَعْ وارِثًا غيرَهما، عَتَقَ (١)، وغَرِمَ الأوَّلُ لأخِيه نِصْفَ قِيمَةِ أخِيه، ولم يَغْرَمْ له نِصْفَ قِيمَةِ نَفْسِه؛ لأنَّه إذا لم يَدَعْ وارِثًا، جازت وَصِيَّتُه؛ لأَنهما لا يَرِثانِ، ولا يَعْتِقانِ حتَّى تَجُوزَ وَصِيَّةُ الأوَّلِ؛ لأنَّه متى بَقِيَتْ عليه سِعايَةٌ، لم يَرِث واحِدٌ منهما، ولم يَعْتِقْ، فلا بُدَّ مِن أن تَنْفُذَ للمُعْتَقِ وَصِيَّة ليَصِيرَ حُرًّا، فيَعْتِقَ أخوه بعِتْقِه، وقد جازت له الوَصِيَّةُ في جَمِيعِ رَقَبَتِه؛ لأنَّ المَيِّتَ إذا لم يَدَعْ وارِثًا، جازت وَصِيَّتُه بجَمِيعِ مالِه، ويَرِثانِ جَمِيعًا، ويَرْجِعُ الثانِي على الأوَّلِ بنِصْفِ قِيمَتِه؛ لأنَّه يقولُ: قد صِرْتُ أنا وأنت وارِثَين، فلا تَأْخُذ مِن المِيراثِ شيئًا دُونِي، وقد كاتت رَقَبَتِي لك وَصِيَّةً فعَتَقَت مِن قِبَلِك، فاضْمَنْ لي نِصْفَ رَقَبَتِي. فإن كان مُعْسِرًا، أو هناك مالٌ غيرُهما، أخَذَ الثانِي نِصْفَه، ثم أخَذَ مِن النِّصْفِ الثانِي نِصْفَ قِيمَةِ نَفْسِه، وكان ما بَقِيَ مِيراثًا لأخِيه الأوَّلِ.