للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأجْمَعَ العلَماء في جَميعِ الأمْصارِ والأعْصارِ على جَوازِ الوَصِيَّةِ.

فصل: ولا تَجب إلَّا على مَن عليه دَين، أو عندَه وَدِيعَةٌ، أو عليه واجِبٌ يُوصَى بالخَروجِ منه؛ لأنَّ الله تعالى أوْجَبَ أداءَ الأماناتِ إلى أهلِها، وطَرِيقُه الوَصِيَّةُ، فتكونُ واجِبَةً عليه. فأمّا الوَصِيَّةُ ببعضِ مالِه، فليست واجِبَةً عندَ الجُمْهورِ. يُرْوى ذلك عن الشَّعْبِيِّ، والنَّخَعِيِّ، والثَّوْرِيِّ، ومالكٍ، وأصحابِ الرأي، والشافعيِّ، وغيرِهم. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: أجْمَعُوا على أن الوَصِيَّةَ غيرُ واجِبَةٍ إلَّا على مَن عليه حَقٌّ بغيرِ بَينةٍ، أو أمانَة بغيرِ إشْهادٍ، إلَّا طائِفَةً شَذَّتْ فأوْجَبَتْها. فرُوىَ عن الزُّهْرِيِّ أنَّه قال: جَعَل اللهُ الوَصِيةَ حَقًّا ممّا قَلَّ أو كَثُر. وقِيلَ لأبي مِجْلَزٍ: على كلِّ مَيِّتٍ وَصِيَّة؟ قال: إن تَرَك خَيرًا. وقال أبو بكر عبدُ العزيزِ: هي واجِبَةٌ للأقْرَبِين الذين لا يَرِثُون. وبه قال داودُ. وحُكِيَ ذلك عن مَسْرُوقٍ، وطاوُس، وإياس، وقتادَةَ، وابنِ جَرِيرٍ. واحْتَجُّوا بالآيَةِ، وبخَبَرِ ابنِ عُمَرَ، فقالُوا: نُسِخَتِ (١) الوَصِيَّةُ للوالِدَين والأقرَبِين الوارِثِين، وبَقِيَتْ في مَن لا يَرِثُ مِن الأقرَبِين. ولَنا، أنَّ أكْثَرَ أصحابِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لم يُوصُوا، ولم يُنْقَلْ لذلك نَكِيرٌ، ولو كانت واجِبَةً


(١) في م: «تستحب».