للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

في المَذْهَب، لبَيَّنَهَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لأُمَّتِه، ولَما وَسِعَه تَأْخِيرُ بَيانِه؛ لأنَّ حاجَةَ النِّساءِ داعِيَةٌ إليه في كلِّ وَقْتٍ، ولا يَجُوزُ تَأْخِيرُ البَيانِ عن وَقْتِه. والظّاهِرُ أنَّهُنَّ جَرَينَ على العُرْفِ في اعْتِقادِ ما يَرَينَه مِن الدَّمِ حَيضًا، ولم يَأْتِ مِن الشّرْعِ تَغْيِيرُه، ولذلك أجْلَسْنا المُبْتَدَأةَ مِن غيرِ تَقَدُّمِ عادَةٍ، ورَجَعْنا في أكْثَرِ أحْكامِ الحَيضِ إلى العُرْفِ، والعُرْفُ أنَّ الحَيضَةَ تَتَقَدَّمُ وتَتَأخَّرُ، وتَزِيدُ وتَنْقُصُ، ولم يُنْقَلْ عَنْهُنَّ، ولا عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ذِكْرُ العادَةِ، ولا بَيانُها، إلَّا في حَقِّ المُسْتَحاضَةِ، وأمّا امرأةٌ طاهِرٌ تَرَى الدَّمَ في وَقْتٍ يُمْكِنُ أن يكُونَ حَيضًا، ثم يَنْقَطِعُ عنها، فلم يَذْكُرْ في حَقِّها عادَةً أصْلًا. وفي اعْتِبارِ العادَةِ على هذا الوَجْهِ إخْلاءُ بَعْضِ المُنْتَقِلاتِ عن الحَيضِ بالكُلِّيَّةِ، مع رُؤْيَتِهِنَّ الدَّمَ في زَمَن الحَيضِ، وصَلاحِيَتِه له، وهذا لا سَبِيلَ إليه، كامرأةٍ رَأتِ الدَّمَ في غيرِ أيّامِ عادَتِها، وطَهُرَتْ أيّامَ عادَتِها ثَلاثَةَ أشْهُرٍ، فإنَّها لا تَدَعُ الصلاةَ، فإذا انْتَقَلَتْ في الشَّهْرِ الرّابعِ إلى أيّام أُخَرَ، لم نُحَيِّضْها أيضًا ثلاثةَ أشْهُرٍ، وكذلك أبَدًا. فعلى هذا تَجْلِسُ (١) ما تَراه مِن الدَّمِ قبلَ العادَةِ وبعدَها، ما لم يُجاوزْ أكْثَرَ الحَيضِ، فإن جاوَزَ أكثرَ الحَيضِ، عَلِمْنا اسْتِحاضَتَها، فتَرْجِعُ إلى عادَتِها وتَقضِي ما تَرَكَتْه مِن الصلاةِ والصيامِ فيما سوى العادَةِ؛ لأنَّنَا تَبَيَّنّا أنَّه اسْتِحاضَةٌ.

فصل: فإن كانت عادَتُها ثَلاثَةً مِن كلِّ شَهْرٍ، فرَأتْ في شَهْرٍ خَمْسَةَ


(١) في م: «تجعل».