فصل: وكلُّ مَوْضِعٍ صَحَّ الرَّدُّ فيه، فإنَّ الوَصِيَّةَ تَبْطُلُ بالرُّدِّ، ويَرْجِعُ المُوصَى به إِلى التَّرِكَةِ، فيكونُ الجَميعُ للوارِثِ؛ لأنَّ الأصْلَ ثُبُوتُ الحَقِّ لهم، وإنَّما خرَج بالوَصِيَّةِ، فإذا بَطَلَتْ رَجَع إلى ما كان عليه، كأنَّ الوَصِيَّةَ لم تُوجَدْ. ولو عَيَّنَ بالرَّدِّ واحِدًا فقَصَدَ تَخْصِيصَه بالمَرْدُودِ، لم يكنْ له ذلك، وكان لجَمِيعِهم؛ لأنَّ رَدَّه امْتِناعٌ مِن تَمَلُّكِه، فبَقِيَ على ما كان عليه، ولأنَّه لا يَمْلِكُ دَفْعَه إلى أجْنَبِي، فلم يَمْلِكْ دَفْعَه إلى وارِثٍ يَخُصُّه به. وكلُّ موضعٍ امْتَنَعَ الرَّدُّ لاسْتقْرارِ مِلْكِه عليه، فله أن يَخصَّ به بعضَ الوَرَثَةِ، لأنَّه ابْتِداءُ هِبَةٍ، ولأنَّه يَمْلِكُ دَفْعَه إلى أجْنَبِيٍّ، فمَلَكَ دَفْعَه إلى الوارِثِ. فلو قال: رَدَدْتُ هذه الوَصِيَّةَ لفُلانٍ. قِيلَ له: ما أرَدْتَ بقَوْلِك لفُلانٍ؟ فإن قال: أرَدْتُ تَمْلِيكَه إيّاها وتَخْصِيصَه بها. فقَبِلَها، اخْتَصَّ بها. وإن قال: أرَدْتُ رَدَّها إلى جميعِهم ليَرْضَى فُلانٌ. عادت إلى الجميعِ إذا قَبِلُوها، فإن قَبِلَها بعضُهم دُونَ بعض فلمَن قَبِل حِصَّتُه منها.
فصل: ويَحْصُلُ الرَّدُّ بقَوْلِه: رَدَدْتُ الوَصِيَّةَ. وقَوْلِه: ما أقْبَلُها. وما أدَّى هذا المَعْنَى. قال أحمدُ: إذا وَصَّى لرجلٍ بألْفٍ، فقال: لا أقْبَلُها. فهي لوَرَثَتِه (١).
(١) في م: «لورثة الموصى له» وعلى حاشية الأصل: «يعني لورثة الموصى له». وفي المغني ٨/ ٤١٦: «يعني لورثة الموصى».