فلم يَسْبِقِ المِلْكُ القَبُولَ، كسائِرِ العُقُودِ، ولأنَّ القَبُولَ مِن تَمامِ السَّبَبِ، والحُكْمُ لا يَتَقَدَّمُ سَبَبَه، ولأنَّ القَبُولَ لا يَخْلُو مِن أن يكونَ شَرْطًا أو جُزْءًا مِن السَّبَبِ، والحُكْمُ لا يَتَقَدَّمُ سَبَبَه ولا شَرْطَه، ولأنَّ المِلْكَ في الماضِي لا يجوزُ تَعْلِيقُه بشَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ. فإن قِيلَ: فلو قال لامرأتِه: أنت طالقٌ قبلَ مَوْتِي بشَهْرٍ. ثم مات، تَبَيَّنّا وُقُوعَ الطلاقِ قبلَ مَوْتِه بشَهْرٍ. قُلْنا: ليس هذا شَرْطًا في وُقُوعِ الطَّلاقِ، وإنَّما نَتَبَيَّنُ الوَقْتَ الذي يَقَعُ فيه الطَّلاقُ. ولو قال: إذا مِتُّ فأنتِ طالِقٌ قبلَه بشَهْرٍ. لم يَصِحَّ. وأمّا انْتِقالُه مِن جِهَةِ الموُجِب في سائِرِ العُقُودِ فإنَّه لا يَنْتَقِلُ إلَّا بعدَ القَبُولِ، فهو كمسألتنا، غيرَ أنَّ ما بينَ الإيجابِ والقَبُولِ ثَمَّ يَسِير لا يَظْهَرُ له أثرٌ، بخِلافِ مسألتِنا. قولُهم: إنَّ المِلْكَ لا يَثْبُتُ للوارِثِ. مَمْنُوعٌ؛ فإنَّ المِلْكَ يَنْتَقِلُ إلى الوارِثِ بحُكْمِ الأصْلِ، إلَّا أن يَمْنَعَ منه مانِع، فأمّا قولُ اللهِ تعالى:{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَينٍ}. قُلْنا: المُرادُ به وَصِيَّةٌ مَقْبُولةٌ، بدَلِيلِ أنَّه لو لم يَقْبَلْ، لكان مِلْكًا للوارِثِ، وقبلَ قَبُولِها فليست مَقْبُولَةً. ويَحْتَمِلُ أن يكونَ المُرادُ بقَوْلِه:{فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا}(١). أي لكم ذلك مُسْتَقِرٌّ. ولا يَمْنَعُ هذا ثُبُوتَ المِلْكِ غيرَ مُسْتَقِرٍّ. ولهذا لا يَمْنَعُ الدَّينُ ثُبُوتَ المِلْكِ في التَّرِكَةِ، وهو آكَدُ مِن