إنْسانٍ دَلِيلٌ على وُجُوبِ المَتْبُوعِ عليه. والثانِي، تَجِبُ على صاحِبِ المَنْفَعَةِ. وهو قولُ الإصطَخْرِيِّ، وأصحابِ الرَّأي. وهو أصَحُّ، إن شاء اللهُ تعالى؛ لأَنَّه يَمْلِكُ نَفْعَها على التّأبِيدِ، فكانتِ النَّفَقَةُ عليه، كالزّوْجِ، ولأنَّ نَفْعَه له، فكان عليه ضَرَرُه، كالمالِكِ لهما جَمِيعًا، يُحَقِّقُه أنَّ إيجابَ النَّفَقَةِ على مَن لا نَفْعَ له ضَرَرٌ مُجَرَّدٌ، فيَصِيرُ مَعْنَى الوَصِيّةِ: أوْصَيتُ لك بنَفْعِ أمَتِي، وأْلقَيتُ على وَرَثَتِي ضَرَرَها. والشَّرْعُ يَنفِي هذا بقولِه:«لَا ضَرَرَ وَلَا إضْرَارَ»(١). ولذلك جَعَل الخَرَاجَ بالضَّمانِ؛ ليكونَ ضَرَرُه على مَن له نَفْعُه. وفارَقَ المُسْتَأجَرَ؛ فإنَّ نَفْعَه في الحَقِيقَةِ للمُؤْجِرِ؛ لأَنه يَأخُذُ الأجْرَ عِوَضًا عن المَنافِعِ. والثالثُ، أنَّها تَجِبُ في كَسْبِه. وهذا راجِعٌ إلى إيجابِها على صاحِبِ المَنْفَعَةِ؛ لأنَّ كَسْبَه مِن مَنافِعِه، فإذا صُرِفَتْ في نَفَقَتِه، فقد صُرِفَتِ المَنْفَعَةُ المُوصَى بها إلى النفَقَةِ، فصاركما لو صَرَف إليه شيئًا مِن مالِه سِواه. فإن لم يكن لها كَسْب، فقِيلَ: تَجِبُ نَفَقَتُها في بَيتِ المالِ؛ لأنَّ مالِكَ الرَّقبةِ لا يَنتفِعُ بها، وصاحِبُ المَنْفَعَةِ لا يَمْلِكُ الرقبةَ، فلا يَلْزَمُه إحْياؤُها، وكذلك سائِرُ الحَيواناتِ المُوصَى بمَنْفَعتِها، قِياسًا على الأمَةِ.