بالولايةِ. وقد نَقَل أبو داودَ، في رجلٍ أوْصَى أنَّ لفُلانٍ عَلَيَّ كذا: يَنْبَغِي للوَصِيِّ أن يُنْفِذَه، ولا يَحِلُّ له إن لم يُنْفِذْه. فهذه المسألةُ محمولةٌ على أنَّ الورثةَ يُصَدِّقُون الوَصِيَّ أو المُدَّعِيَ، أو له بَيِّنةٌ بذلك، جمعًا بينَ الرِّوايَتَين، ومُوافَقَةَ الدَّلِيلِ. قيل لأحمدَ: فإن عَلِم المُوصَى إليه لرجلٍ حَقًّا على المَيِّتِ، فجاء الغرِيمُ يُطالِبُ الوَصِيَّ، وقَدَّمَهْ إلى القاضي ليَسْتَحْلِفَه أنَّ مالي في يَدَيكَ حَقٌّ. فقال: لا يَحْلِفُ، ويُعْلِمُ القاضِيَ بالقَضِيَّةِ، فإن أعْطاه القاضي فهو أعْلَمُ. فإنِ ادَّعَى رجلٌ دَينًا على المَيِّتِ وأقامَ بَيِّنَةً، فهل يجوزُ للوَصِيِّ قَبُولُها وقَضاءُ الدَّينِ بها مِن غيرِ حُضُورِ حاكمٍ؟ فكلامُ أحمدَ يَدُلُّ على رِوايَتَين؛ إحْداهما، لا يجوزُ الدَّفْعُ إليه بدَعْواه، إلَّا أن تَقُومَ بَيِّنَةٌ. فظاهِرُ هذا أنَّه جَوَّزَ الدَّفْعَ بالبينةِ مِن غيرِ حُكمِ حاكمٍ؛ لأنَّ البيِّنَةَ حُجَّةٌ له. وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ: إلَّا أن تَثْبُتَ بَيِّنةٌ عندَ الحاكمِ بذلك. فأمّا إن صَدَّقَهم الورثةُ، قُبِل؛ لأنَّه إقْرارٌ منهم على أنْفسِهم.