للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الابنِ. وسنَذْكُرُ ذلك إن شاء الله تعالى. وهذا قولُ عامَّةِ أهلِ العلمِ، يُرْوَى ذلك عن عمرَ، وعليٍّ، وزيدٍ، وابن مسعودٍ، ومعاذٍ، وعائشةَ، رضي اللهُ عنهم. وإليه ذَهَب عامَّةُ الفقهاءِ إلَّا ابنَ عباسٍ ومن تابعه، فإنَّه رُوِيَ عنه أنه لا يَجْعَلُ الأخَواتِ مع البناتِ عَصَبَةً، وقال ليس بنتٍ وأُخْتٍ: للبنتِ النِّصفُ، ولا شيءَ للأُخْتِ. فقيل له: إن عمرَ قَضَى بخلافِ ذلك، جَعَل للأُخْتِ النِّصفَ. فقال ابنُ عباسٍ: أنتم أعْلَمُ أمِ اللهُ (١)؟. يريدُ قولَه سبحانه وتعالى: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ}. فإنَّما جَعَل لها المِيراثَ بشَرْطِ عدمِ الوَلدِ. والحقُّ فيما ذَهَب إليه الجمهورُ، فإنَّ ابنَ مسعودٍ قال في بنتٍ وبنتِ ابنٍ وأختٍ: لأقْضِيَنَّ فيها بقَضاءِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ للبنتِ النِّصفُ، ولبنْتِ الابنِ السُّدْسُ، وما بَقِيَ فللأُخْتِ. رواه البخاريُّ، وغيرُه (٢). واحْتِجاجُ ابنِ عباس لا يَدُلُّ على ما ذَهَب إليه، بل يَدُلُّ على أنَّ الأخْتَ لا يُفْرَضُ لها النِّصفُ مع الولدِ، ونحن نَقُولُ به، فإنَّ ما يَأْخُذُه مع البِنْتِ ليس بفرْضٍ وإنَّما هو بالتَّعْصِيبِ، كميراثِ الأخِ. وقد وَافَقَ ابنُ عباسٍ على ثُبُوتِ مِيراثِ الأخِ مع الوَلدِ مع قولِه تعالى: {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ}. وعلى قِياسِ قولِه يَنْبَغِي أن يَسْقُطَ الأخُ؛ لاشْتِراطِه في تَوْريثِه منها عَدَمَ الوَلدِ، وهو خِلافُ الإجماعِ، ثم إنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - هو المُبَيِّنُ لكلامِ اللهِ تعالى،


(١) تقدم تخريجه في صفحة ٧٢.
(٢) تقدم تخريجه في صفحة ٧٠.