للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عَصَبَةً مِن غيرِ ذَوي الفُروضِ. وهذا الذي افْتَرَقُوا فيه هو المُقْتَضِي لتَقْدِيم وَلَدِ الأُمِّ وتَأخيرِ وَلَدِ الأبَوين؛ فإنَّ الشَّرْعَ وَرَد بتَقْديمِ ذِي الفَرْضِ وتَأْخِيرِ العَصَبَةِ، ولذلك يُقَدَّمُ ولدُ الأُمِّ على ولدِ الأبوَينَ في المسألةِ المَذْكورةِ وشِبْهِها، وهَلَّا إذْ تَساوَوْا في قَرابَةِ الأُمِّ شارَكُوا الأخَ مِن الأُمِّ في سُدْسِه فاقْتَسَمُوه بينَهم، ولأنَّه لو كانت قَرابَةُ الأُمِّ مُسْتَقِلَّةً بالمِيراثِ مع قَرابَةِ الأبِ لوَجَب أن يَجْتَمِعَ لهمُ الفَرْضُ والتَّعْصيبُ، كقولِنا في أخٍ مِن أُمٍّ هو ابنُ عَمٍّ، ولوَجَب أن يُشارِكوا وَلَدَ الأُمِّ في الثُّلُثِ في كلِّ مَوضِعٍ، ويَنْفَرِدوا بالتَّعْصِيبِ فيما بَقِيَ. ولا خِلافَ في أنَّهم لا يُشارِكُونهم في غيرِ هذا المَوضِعِ، ويَلْزَمُهم أن يقولُوا في زَوْجٍ وأُخْتٍ لأبَوَين وأُخْتٍ لأبٍ معها أخُوها: إنَّه يَسْقُطُ الأخُ، وتَرِثُ أُخْتُه السُّدْسَ؛ لأنَّ قَرابَتَها مع وُجُودِه كقَرابَتِها مع عَدَمِه، وهو لا يَحجُبُها، فهلَّا عَدُّوه حِمارًا ووَرَّثُوا أُخْتَه ما كانت تَرِثُ عندَ عَدَمِه؟ وما ذَكَرُوه مِن القياسِ طَرْدِيٌّ لا مَعْنى تحتَه. قال العَنْبَرِيُّ: القِياسُ ما قال عليٌّ، والاسْتِحْسانُ ما قال عمرُ. قال الخَبْرِيُّ: وهذه وَساطَة مَلِيحَةٌ وعِبارَةٌ صَحيحَةٌ، وهو كما قال: إلَّا أنَّ الاسْتِحْسانَ المُجَرَّدَ ليس بحُجَّةٍ، فإنَّه وَضْعٌ للشَّرْعِ بالرَّأْي والتَّحَكُّمِ مِن غَيرِ دَلِيلٍ، ولا يجوزُ الحُكْمُ به مع عَدَمِ المُعارِضِ، فكيف وهو في مَسْألَتِنا يُخَالِفُ ظاهرَ القرآنِ والسُّنَّةِ والْقِياسَ! قال شيخُنا (١):


(١) في: المغني ٩/ ٢٦.