الذي قَدَّمَه اللهُ ومَن الذي أخَّرَه الله؟ فقال: الذي أهْبَطَه مِن فَرْض إلى فَرْض، فذلك الذي قَدَّمَه، والذي أهْبَطَه مِن فَرْض إلى ما بَقِيَ فذلك الذي أخَّرَه اللهُ. فقال زُفَرُ: فمَن أوَّلُ مَن أعال الفرائضَ؟ قال: عمرُ بنُ الخطّابِ. فقُلْتُ: ألا أشَرْتَ عليه؟ فقال: هِبْتُه وكان امرءًا مَهيبًا (١). قولُه: مَن أهْبَطَه الله مِن فريضةٍ إلى فريضةٍ، فذلك الذي قدّمَه اللهُ. يُريدُ أنَّ الزَّوْجَين والأمَّ لكلِّ واحدٍ منهم فرضٌ، ثمَّ يُحْجَبُ إلى فرضٍ آخرَ لا يَنقُصُ منه. وأمّا مَن أهْبَطَه مِن فرض إلى ما بَقِيَ، يُرِيدُ البناتِ والأخَواتِ، فإنَّهُنَّ يُفْرَضُ لهنَّ، فإذا كان معهنَّ إخْوَتُهُنَّ وَرِثُوا بالتَّعْصيبِ، فكان لهم ما بَقِيَ قَلَّ أوْ كَثُرَ، فكان مَذْهَبُه أنَّ الفُروضَ إذا ازْدَحَمَتْ رُدَّ النَّقْصُ على البَناتِ والأخَواتِ. ولَنا، أنَّ كلَّ واحِدٍ من هؤلاء لو انْفَرَدَ أخَذ فرضَه، فإذا ازْدَحَموا وَجَب أن يَقْتَسِمُوا على قَدْرِ الحُقوقِ، كأصحابِ الدُّيونِ والوَصايا، ولِأنَّ اللهَ تعالى فَرَض للأخْتِ النِّصْفَ، فَرَض للزَّوْجِ النِّصْفَ، وفَرَض للأخْتَين الثُّلُثَين، كما فَرَض للأخْتَين للأُم الثُّلُثَ، فلا يجوزُ إِستقاطُ فَرْضِ بَعضِهم مع نَصِّ اللهِ تعالى عليه بِالرأي والتَّحَكُّمِ، ولم يُمْكِنِ الوَفاءُ بها، فوَجَب أن يَتَساوَوْا في النَّقْص على قَدْرِ الحُقوقِ، كالوَصايا والدُّيونِ، ويَلْزَمُ ابنَ عباسٍ على قَوْلِه مَسْألةٌ فيها زَوْجٌ وأُمِّ وأخَوان مِن أُمٍّ، فإن حَجَب الأُمَّ إلى السُّدْسِ خالف مَذْهَبَه في حَجْبِ الأُمِّ بأقَلَّ مِن ثَلاثةٍ مِن الإخْوَةِ، وإنْ نَقَص الأخَوَين مِن الأُمِّ ردَّ النَّقْصَ على مَنْ لم
(١) أخرجه سعيد بن منصور مختصرًا، في: السنن ١/ ٤٤. وأخرجه بتمامه البيهقي، في السنن الكبرى ٦/ ٢٥٣. وإسناده حسن. انظر الإرواء ٦/ ١٤٥، ١٤٦.