يَتَوَارَثون وإنِ اخْتَلَفَتْ ديارُهم؛ لأنَّ العُموماتِ مِن النُّصوصِ تَقْتَضِي توريثَهم، ولم يَرِدْ بتخْصِيصِهم نَصٌّ ولا إجْماعٌ، ولا يصِحُّ فيهم قياسٌ، فيجبُ العملُ بعُمومِها. ومفهومُ قولِه - عليه السلام -: «لا يَتَوارَثُ أهْلُ مِلَّتَينِ شَتَّى». أنَّ أهْلَ المِلَّةِ الواحدةِ يَتَوارَثُون. وضبطُه التوريثَ بالملَّةِ والكُفْرِ والإِسلامِ دليلٌ على أنَّ الاعتبارَ به دُونَ غيرِه، ولأنَّ مُقْتَضِي التَّوْريثِ موجودٌ، فيَجِبُ العَمَلُ به ما لم يَقُمْ دليلٌ على تَحَقُّقِ المانِع. وقد نَصَّ أحمدُ في رِوايَةِ الأثْرَمِ، في مَن دَخَل إلينا بأمانٍ فقُتلَ، أنَّه يُبْعَث بدِيَتِه إلى مَلِكِهم حتَّى يَدْفَعَها إلى وَرَثَتِه. ورُوِيَ أنَّ عمرَو بنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ كان مع أهْلِ بِئْرِ مَعُونَةَ، فسَلِمَ ورَجَع إلى المدينةِ، فوجَدَ رَجُلَين في طَرِيقِه مِن الحَيِّ الذين قَتَلُوهم، وكانا أتَيا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في أمانِه، ولم يَعْلَمْ عمرٌو، فقتَلَهما، فوَدَاهُما النبي - صلى الله عليه وسلم - (١). ولا شَكَّ أنَّه بعثَ بدِيَتِهما إلى أهْلِهما.