ثم مات مِن مَرَضِه ذلك في عِدَّتِها، وَرِثَتْه ولم يَرِثْها إن ماتت. يُرْوَى هذا عن عليٍّ، وعمرَ، وعثمانَ. وبه قال شُرَيح، وعُرْوَةُ، والحسنُ، والشَّعْبِيُّ، والنَّخَعِيُّ، والثَّوْرِيُّ، وأبو حنيفةَ في أهلِ العراقِ، ومالِكٌ في أهلِ المدينةِ، وابنُ أبي لَيلَى. وهو قولُ الشافعيِّ القديمُ. ورُوِيَ عن عبدِ اللهِ بنِ الزُّبَيرِ، لا تَرِثُ مَبْتُوتةٌ. ويُرْوَى ذلك عن عليٍّ، وعبدِ الرحمنِ بنِ عوفٍ. وهو قولُ الشافِعيِّ الجديدُ، لأنَّها بائِنٌ، فلا تَرِثُ، كالبائن في الصِّحَّةِ، أو كما لو كان الطَّلاقُ باخْتِيارِها، ولأنَّ أسبابَ المِيراثِ مَحْصُورةٌ في رَحِم ونكاح ووَلاءٍ، وليس لها شيءٌ مِن هذه الأسْبابِ. ولَنا، أنَّ عثمان، رَضِيَ اللهُ عَنه، وَرَّثَ تُماضِرَ بنتَ الأصْبَغِ الكَلْبِيَّةَ مِن عبدِ الرحمنِ بنِ عوفٍ، وكان طَلَّقها في مرضِه فبَتَّها (١). واشتَهر ذلك في الصحابةِ فلم يُنْكَرْ، فكان إحماعًا. ولم يَثْبُتْ عن علِيٍّ وعبدِ الرحمنِ خلافُ هذا، بل قد روَى عُرْوةُ أنَّ عمرَ قال لعبدِ الرحمنِ: إن مِتَّ فلأُوَرِّثنَها منك. قال: قد عَلِمتُ ذلك. وما رُوِيَ عن ابنِ الزُّبَيرِ إن صَحَّ
(١) أخرجه البيهقي، في: باب ما جاء في توريث المبتوتة في مرضى الموت، من كتاب الخلع والطلاق. السنن الكبرى ٧/ ٣٦٢، ٣٦٣. والشافعي، انظر: كتاب الفرائض. من ترتيب المسند ٢/ ١٩٣. وإسناده صحيح. انظر الإرواء ٦/ ١٥٩.