للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المُنْكِرُ تَلِف أو غُصِبَ، فيَسْتَوى فيما بَقِي. وقال الشافعيُّ، وداودُ: لا يلزَمُه في الظاهِرِ دفْعُ شيءٍ إليه، وهل يلزَمُه فيما بينَه وبينَ اللهِ تعالى؟ على قولَين؛ أصَحُّهما، لا يَلْزَمُه؛ لأنَّه لا يَرِثُ مَن لا يثْبُتُ نَسَبُه. وإذا قلنا: يلزَمُه. ففي قدْرِه وَجْهان (١). ولَنا على الشافعيِّ، أنَّه أقَرَّ بحقٍّ لمُدَّعِيه يمكِنُ صِدْقُه فيه، ويدُ المُقِرِّ عليه وهو متمَكِّنٌ مِن دَفْعِه إليه، فلزِمَه ذلك، كما لو أقَرَّ له بمُعَيَّنٍ، ولأنَّه إذا عَلِمَ أنَّ هذا أخوه وله ثُلُثُ الترِكَةِ، وتَيَقَّنَ اسْتِحْقاقَه لها، وفي يدِه بعضُه وصاحبُه يَطْلُبُه، لَزِمَه دفعُه إليه وحَرُمَ عليه منْعُه منه، كما في سائِرِ المواضِعِ، وعَدَمُ ثُبُوتِ نَسَبِه في الظَّاهِرِ لا يمنْعُ وجوبَ دفْعِه إليه، كما لو غَصَبَه شيئًا ولم تَقُمْ بَيِّنةٌ بغصْبه. ولَنا على أبي حنيفةَ، أنَّه أقَرَّ له بالفاضِلِ عن ميراثِه، فلم يلزَمْه أكثرُ ممَّا أقَرَّ به، كما لو أقَرَّ له بشيءٍ مُعَيَّنٍ، ولأنَّه حقٌّ تعلَّقَ بمحَلٍّ مُشْتَرَكٍ بإقْرارِ أحدِ الشَّرِيكَين، فلم يَلْزَمْه أكثرُ مِن قِسْطِه، كما لو أقَرَّ أحدُ الشَّريكَين بجنايَةٍ على العبْدِ. ولأنَّ التركَةَ بَينَهم أثْلاثًا، فلا يستَحِقُّ ممَّا في يدِه إلَّا الثُّلُثَ، كما لو ثَبَت نَسَبُه ببَيِّنةٍ. ولأنَّه إقرارٌ يتعَلَّقُ بحصَّتِه وحصَّةِ أخيه، فلا يلزَمُه أكثرُ مما يخصُّه، كالإِقْرارِ بالوَصِيَّةِ، وكإقْرارِ أحدِ الشَّريكَين على مالِ الشَّرِكَةِ بدَينٍ. ولأنَّه لو شَهِدَ معه أجْنَبِيٌّ بالنَّسبِ ثَبَت، ولو لَزِمَه أكثرُ مِن حصَّتِه لم تُقْبَلْ شهادتُه؛ لأنَّه يَجُرُّ بها نفْعًا إلى نَفْسِه، لكونِه يُسْقِطُ بعضَ ما يُسْتَحَقُّ عليه.


(١) بعده في الأصل: «كالمذهبين».