للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وإن أعْتَقَ مُسْلِمٌ كافِرًا، فَهَرَبَ إلى دارِ الحرْبِ ثم سَبَاهُ المسلمون، فذَكَرَ أبو بكرٍ، والقاضِي، أنَّه لا يجوزُ اسْتِرْقاقُه. وهو قولُ الشافعيِّ؛ لأنَّ في اسْتِرْقاقِه إبْطال ولاءِ المسلمِ المَعْصُومِ. قال ابنُ اللبَّانِ: ولأنَّ له أمانًا بعِتْقِ المسلمِ إيَّاه. قال شيخُنا (١): والصَّحِيحُ، إن شاءَ الله، جَوازُ اسْتِرْقاقِه؛ لأنَّه كافر أصْلِيٌّ كِتابِيٌّ، فجازَ اسْتِرْقاقُه، كمُعْتَقِ الحَرْبِيِّ وكغيرِ المُعْتَقِ. وقولُهم: في اسْتِرْقاقِه إبْطَالُ وَلَاءِ المُسْلِم. قُلْنا: لا نُسَلِّمُ، بل متى أُعْتِقَ عاد الولاءُ للأوَّلِ، وإنَّما امْتَنَعَ عَمَلُه في حالِ رِقِّهِ لمانِعٍ، وإن سَلَّمْنا أنَّ فيه إبْطَال ولائِه، ولكنَّ ذلك غيرُ مُمْتَنِع، كما لو قُتِلَ بكُفْرِه فإنَّه يَبْطُلُ وَلَاؤه به، فكذلك بالاسْتِرْقاقِ، ولأنَّ القرابَةَ يَبْطُلُ عَمَلُها بالاسْتِرْقاقِ، فكذلك الولاءُ (٢). وقولُ ابنِ اللَّبَّانِ: له أمانٌ. لا يصِحُّ؛ فإنَّه لو كان له أمانٌ لم يَجُزْ قَتْله ولا سَبْيُه. فعلى هذا، إنِ اسْتُرِقَّ، احْتَمَلَ أن يكونَ الوَلَاءُ للثاني؛ لأنَّ الحُكْمَين إذا تنافَيَا كان الثابِتُ هو الآخِرَ منهما، كالنَّاسِخِ والمَنْسُوخِ. واحْتَمَلَ أن يكونَ للأوَّلِ؛ لأنَّ ولاءَه ثَبَتَ وهو معصومٌ، فلا يزُولُ بالاسْتِيلاءِ، كحقيقةِ المِلْكِ. ويَحْتَمِلُ أنَّه بينَهما، وأيهما مات كان للثَّاني.


(١) في: المغني ٩/ ٢١٩.
(٢) سقط من: م.