وقال القاضِي: إن كان مَجْهولَ النّسبِ، ثَبَت الوَلاءُ على ولدِه لمَوْلَى الأمِّ، إن كانت مولاةً. قال ابنُ اللَبِّانِ: هذا ظاهرُ مَذْهبِ الشافعي. وقال الخَبْرِيُّ: هذا قولُ أبي حنيفةَ، ومحمدٍ، وأحمدَ؛ لأنَّ مُقْتَضى ثُبُوتِه لمَوْلَى الأمِّ مَوْجودٌ، وإنَّما امتَنَعَ في مَحَل الوفاقِ لحُرِّيةِ الأبِ، فإذا لم تكنْ معلومَةً، فقَدْ وَقَع الشَّكُّ في المانِعِ، فيَبْقَى على الأصلِ، ولا يَزُولُ اليَقينُ بالشكِّ، ولا يُتْرَكُ العمَلُ بالمُقْتَضِي مع الشكِّ في المانِعِ. ولَنا، أنَّ الأبَ حُر محكُومٌ بحرِّيته، أشْبَه مَعروفَ النَّسبِ، ولأنَّ الأصلَ في الآدمِيِّين الحرِّيةُ وعَدَمُ الوَلَاءِ، فلا يُتْرَكُ هذا الأصلُ بالوهْمِ في حَقِّ الولدِ، كما لم يُتْرَكْ في حقِ الأبِ. وقولُهم: مُقْتَضى ثُبُوتِه لمَوْلَى الأمِّ مَوْجودٌ. ممنوع؛ فإنَّه إنَّما يثْبُتُ لمَوْلَى الأمِّ بشَرطِ رِقِّ الأبِ، وهذا الشَّرطُ مُنْتَفٍ حُكْمًا وظاهرًا. وإن سَلَّمنا وُجودَ المُقْتَضِي، فقد ثَبَت المانِعُ حُكْمًا، فإنَّ حُريةَ الأبِ ثابِتَةٌ حُكْمًا، فلا تَعويلَ على ما قَالُوه. فأمَّا إن كان الأبُ مَوْلًى والأمُّ مجْهُولةَ النَّسبِ، فلا وَلاءَ عليه في قوْلِنا. وقياسُ قولِ القاضِي، والشافعيِّ، ثُبُوتُ الوَلاءِ عليه لمَوْلَى أبِيه؛ لأنَّا شَكَكْنا في المانِعِ مِن ثُبُوتِه.