للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

له، والمُوصَى به مَمْنُوعٌ، وإن سَلَّمْناه، فالفَرْقُ بينَهما أنَّ المُوصَى به قد تَحَقَّقَ فيه سَبَبُ المِلْكِ، وإنَّما وُقِفَ على شَرْطٍ هو القَبولُ، فإذا وُجِدَ الشَّرْطُ اسْتَنَدَ الحُكْمُ إلى ابْتداءِ السَّبَبِ، وفي الوَصِيَّةِ بالعِتْقِ ما وُجِد السَّبَبُ، وإنَّما أوْصَى بإيجادِه، وهو العِتْقُ، فإذا وُجِد لم يَجُزْ أن يَثْبُتَ حُكْمُه سابقًا عليه، ولهذا يَمْلِكُ المُوصَى له القَبُولَ (١) بنَفْسِه. والعبدُ ههُنا لا يَمْلِكُ أن يُعْتِقَ نَفْسَه. فإن مات العبدُ قبلَ مَوْتِ سَيِّدِه، وقبلَ إعْتاقِه، فما كَسَبَه للوَرَثَةِ على قَوْلِنا، ولا نعلمُ قولَ مُخالِفِينا فيه.

فصل: فإن عَلَّقَ عِتْقَ عبدِه على شَرْطٍ في صِحَّتِه، فوُجِدَ في مَرَضِه، اعْتُبِرَ خُرُوجُه مِن الثُّلُثِ. قاله أبو بكرٍ، قال (٢): وقد نَصَّ أحمدُ على مِثْلِ هذا في الطَّلاقِ. وقال أبو الخَطَّاب: فيه وَجْهٌ آخَرُ، أنَّه يَعْتِقُ مِن رأسِ المالِ. وهو مَذْهَبُ الشافعيِّ؛ لأَنَّه لا (٢) يُتَّهَمُ فيه، فأشْبَهَ العِتْقَ في صِحَّتِه. ولَنا، أنَّه عَتَق في حالِ تَعَلُّقِ حَقِّ الوَرَثَةِ بثُلُثَيْ مالِه، فاعْتُبِرَ مِن الثُّلُثِ، كالمُنْجَزِ. وقَوْلُهمْ لا يُتَّهَمُ فيه. قُلْنا: وكذلك العِتْقُ المُنْجَزُ لا يُتَّهَمُ فيه؛ فإنَّ الإنْسانَ لا يُتّهَمُ بمُحاباةِ غيرِ الوارثِ وتَقْدِيمِه على وارِثِه، وإنَّما مُنِع منه لِما فيه مِن الضَّرَرِ بالوَرَثَةِ، وهو حاصِلٌ ههُنا. ولو قال: إذا قَدِم زَيدٌ وأنا مَرِيضٌ فأنْتَ حُرٌّ. فقَدِمَ وهو مَرِيضٌ، كان مُعْتَبَرًا مِن الثُّلُثِ، وَجْهًا واحِدًا.


(١) في الأصل: «بالقبول».
(٢) سقط من: م.