فصل: وإن ارْتَدَّ المُدَبَّرُ ولَحِقَ بدارِ الحَرْبِ لم يَبْطُلْ تَدْبِيرُه؛ لأنَّ مِلْكَ سيدِه باقٍ عليه، ويَصِحُّ تَصَرُّفه فيه بالعِتْقِ والهِبَةِ والبَيعِ، إن كان مَقْدُورًا عليه. فإن سَباه المسلمون لم يَمْلِكُوه؛ لأنَّه مَمْلُوكٌ لمَعْصُومٍ، ويُرَدُّ إلى سَيِّدِه إن عُلِمَ به قبلَ قَسْمِه. ويُسْتَتابُ فإن تاب وإلَّا قُتِلَ، وإن لم يُعْلَمْ به حتى قُسِمَ، لم يُرَدَّ إلى سَيِّدِه، في إحْدَى الرِّوايَتَين. والأُخرَى، إنِ اخْتارَ سَيِّدُه أخْذَه بالثَّمَنِ الذي حُسِبَ به على آخِذِه أخَذَه وإن لم يَختَرْ أخْذَه، بَطَل تَدْبِيرُه. ومتى عاد إلى سَيِّدِه بوَجْهٍ مِن الوُجُوهِ، عادَ تَدْبِيرُه. وإن لم يَعُدْ إلى سَيدِه، بَطَل تَدْبِيرُه، كما لو بِيعَ وكان رقِيقًا لمَن هو في يَدِه. وإن مات سَيِّدُه قبلَ سَبْيِه عَتَقَ. فإن سُبِيَ بعدَ هذا لم يُرَدَّ إلى وَرَثَةِ سَيِّدِه؛ لأنَّ مِلْكَه زال عنه بحُرِّيتِه، فصار كأحْرارِ دارِ الحَرْبِ، ولكن يُسْتَتابُ، فإن تاب وأسْلَمَ صارَ رَقِيقًا، يُقْسَمُ بينَ الغانِمينَ. وإن لم يَتُبْ قُتِلَ، ولم يَجُزِ اسْتِرْقاقُه؛ لأنَّه لا يُقَرُّ على كُفْرِه. وقال القاضي: لا يَجُوزُ اسْتِرْقاقُه إذا أسْلَمَ. وهو قولٌ للشافعيِّ؛ لأنَّ في اسْتِرْقاقِه إبطَال ولاءِ المسلمِ