التَّدْبِيرِ لا يُبْطِلُه، في الصَّحِيحِ مِن المذْهَبِ. ولو أبْطَلَه، فما ثَبَتَ كَوْنُ الإِنْكار رُجُوعًا، ولو ثَبَتَ ذلك، فلا يَتَعَيَّنُ الإِنْكارُ جَوابًا للدَّعْوَى؛ فإنَّه يجُوزُ أن يُقِرَّ. إذا ثَبَتَ هذا، فإن أقَرَّ السيدُ فلا كَلامَ، وإن أنْكَرَ ولم تكُنْ للعبدِ بَيِّنَةٌ، فالقولُ قولُ السيدِ مع يَميِنه؛ لأنَّ الأصْلَ عَدَمُه. فإن كانت للعَبْدِ بَيِّنَةٌ حُكِمَ بها، ويُقْبَلُ فيها شاهدان عَدْلان، بغيرِ خِلافٍ. فإن لم يكُنْ إلَّا شاهِدٌ واحدٌ، وقال: أنا أحْلِفُ معه. أو شاهدٌ وامْرأتان، لم يُحْكَمْ له به، في إحْدَى الرِّوايَتَين. وهو مذهبُ الشافعيِّ؛ لأنَّ الثابتَ به الحُرِّيةُ، وكمالُ الأحْكامِ، وهذا ليس بمالٍ، ولا المَقْصُودُ منه المالُ، ويَطَّلِعُ عليه الرِّجالُ في غالبِ الأحْوالِ، فأشْبَهَ النِّكاحَ والطَّلاقَ. والثانيةُ، يَثْبُتُ بذلك؛ لأنَّه لَفْظ يَزُولُ به مِلْكُه عن مَمْلُوكِه، فأشْبَهَ البَيعَ. وهذا أجْوَدُ؛ لأنَّ البَيِّنَةَ إنَّما تُرادُ لإثْباتِ الحُكْمِ على المَشْهُودِ عليه، وهو في حَقِّه إزالةُ مِلْكِه عن مالِه، فيَثْبُتُ بهذا. وإن حَصَلَ به غَرَضٌ آخَرُ للمَشْهُودِ له، فلا يَمْنَعُ ذلك مِن ثُبُوتِه بهذه البَيِّنَةِ. ولأنَّ العِتْقَ ممَّا يُتَشَوّفُ إليه، ويَنْبَنِي على التَّغْلِيبِ والسِّرايةِ، فيَنْبَغِي أن يُسَهَّلَ طريقُ إثْباتِه. وإن كان الاختلافُ بينَ العبدِ ووَرَثَةِ السيدِ بعدَ موتِه، فهو كما لو كان الاختلافُ (١)