للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[جِنايَتِه. وإن جُنِيَ على المُدَبَّرِ، فأرْشُ الجِنايةِ لسيدِه. فإن كانت الجنايةُ على نَفْسِه، وَجَبَتَ قِيمَتُه] (١) لسيدِه، وبَطَلَ التَّدْبِيرُ بهَلاكِه. فإن قِيلَ: فهلَّا جَعَلْتُمْ قِيمَتَه قامْةً مَقامَه، كالعبدِ المَرْهُونِ والمَوْقُوفِ؟ قُلْنا: الفَرْقُ بينَهما مِن ثلاثةِ أوْجُهٍ؛ أحدُها، أنَّ كُلَّ واحدٍ مِن الوَقْفِ والرَّهْنَ لازمٌ، فتَعَلَّقَ الحَقُّ ببَدَلِه، والتَّدْبِيرُ غيرُ لازم؛ لأنَّه يُمْكِنُ إبْطالُه بالبَيعِ وغيرِه، فلم يتَعَلَّقِ الحَقُّ ببَدَلِه. الثاني، أنَّ الحَقَّ في التَّدْبِيرِ للمُدَبَّرِ، فبَطَلَ حَقُّه بفَواتِ مُسْتَحِقِّه، والبَدَلُ لا يَقومُ مَقامَه في الاسْتِحقاقِ، والحَقُّ في الوَقْفِ للمَوْقُوفِ عليه، وفي الرَّهْنِ للمُرْتَهِنِ، وهو باقٍ، فثَبَتَ حَقه في بَدَلِ محَلِّ حَقِّه. الثالثُ، أنَّ المُدَبَّرَ إنَّما ثَبَتَ حَقُّه بوُجُودِ موتِ سيدِه، فإذا هَلَكَ قبلَ سيدِه فقد هَلَكَ قبلَ ثُبُوتِ الحَقِّ له، فلم يَكُنْ له بَدَلٌ، بخِلافِ الرَّهْنِ والوَقْفِ، فإنَّ الحَقَّ ثابِتٌ فيهما، فقامَ بدَلُهُما مَقامَهما، وبينَ الرَّهْنِ والمُدَبَّرِ فَرْقٌ رابعٌ، وهو أنَّ الواجِبَ القِيمةُ، ولا يُمْكِنُ وجودُ التَّدْبيرِ فيها، ولا قِيامُها مَقامَ المُدَبَّرِ فيه. وإن أخَذَ عبدًا مكانَه، فليس هو البَدَلَ، إنَّما هو بَدَلُ القِيمَةِ، بخِلافِ الرَّهْنِ؛ فإنَّ القِيمَةَ يجوزُ أن تكونَ رَهْنًا. فإن قِيلَ: فهذا يَلْزَمُ عليه المَوْقُوفُ، فإَّنه إذا قُتِلَ (٢) اخِذَتْ قِيمَتُه فاشْترِيَ بها عبدٌ يكونُ وَقْفًا مكانَه. قلْنا: قد حَصَلَ الفَرْقُ بينَ المُدَبَّرِ والرَّهْنِ من الوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ، وكَوْنُه لا يَحْصُلُ الفَرْقُ بينَه وبينَ الوَقْفِ مِن هذا الوَجْهِ، لا يَمْنَعُ أن يَحْصُلَ الفَرْقُ بينَه وبينَ الرَّهْنِ به. والله أعلمُ.


(١) سقط من: الأصل.
(٢) في الأصل: «قيل».