بعِوَضٍ، فلم يَعْتِقْ قبلَ أدائِه، كما لو قال: إذا أدَّيتَ إليَّ ألفًا فأنتَ حُرٌّ. فعلى هذه الرِّوايةِ، إذا أدَّى عَتَقَ، وإن لم يُؤَدِّ لم يَعْتِقْ. فإنِ امْتَنَعَ مِن الأداءِ، فقال أبو بكرٍ: يُؤَدِّيهِ الإمامُ عنه، ولا يكونُ ذلك عَجْزًا، ولا يَمْلِكُ السيدُ الفَسْخَ. وهو قولُ أبي حنيفةَ. ويَحْتَمِلُ أنَّه إذا لم يُؤَدِّ عَجَّزَهُ السيدُ إن أحَبَّ، وعاد عَبْدًا غيرَ مُكاتَبٍ. ونحوَه قال الشافعيُّ، فإنَّه قال: إن شاء عَجَّزَ نَفْسَه وامْتَنَعَ مِن الأداءِ. ووَجْهُ ذلك، أنَّ العَبْدَ لا يُجْبَرُ على اكْتِسَابِ ما يُؤَدِّيه في الكِتابَةِ، فلا يُجْبَرُ على الأداءِ، كسائِرِ العُقُودِ الجائِزَةِ. ووَجْهُ الأوَّلِ، أنَّه قد ثَبَتَ للكبدِ اسْتِحْقاقُ الحُرِّيةِ بمِلْكِ ما يُؤَدِّي، فلم يَمْلِكْ إبْطالها، كما لو أدَّى. فإن تَلِفَ المالُ قبلَ أدائِه جازَ تَعْجِيزُه واسْتِرْقَاقُه، وَجْهًا واحدًا.
فصل: إذا أَبْرأهُ السيدُ مِن مالِ الكِتابةِ، بَرِئَ وعَتَقَ؛ لأنَّ ذِمتَّهَ خَلَتْ مِن مالِ الكِتابةِ، فأشْبَهَ ما لو أدَّاه. وإن أبْرأه مِن بعضِه، بَرِئَ منه، وهو على الكِتابةِ فيما بَقِيَ؛ لأنَّ الإِبراءَ كالأداءِ. فإن كاتَبَه على دنانِيرَ فأبْرأه مِن دَراهِمَ، أو بالعَكْسِ، لم تَصِحَّ البراءَةُ؛ لأنَّه أَبْرأهُ ممَّا لا يَجبُ عليه، إلَّا أن يُرِيدَ بقَدْرِ ذلك مما لِيَ عليك. فإنِ اخْتَلَفا، فقال المُكَاتَبُ: إنَّما أرَدْتَ مِن قِيمَةِ ذلك. وقال السيدُ: بل ظَنَنْتُ أنَّ لِي عليك النَّقْدَ الَّذي برأتُكَ منه، فلم تَقَعِ البراءَةُ مَوضِعَها. فالقولُ قولُ السيدِ مع يَمينه؛ لأنَّه أعْرَفُ بِنيَّته. فإن مات السيدُ واخْتَلَفَ المُكاتَبُ والوَرَثَةُ، فالقولُ قولُهم مع أيْمانِهم ويَحْلِفونَ على نَفْي العِلْمِ. وإن مات المُكاتَبُ واخْتَلَفَ وَرَثته وسَيدُه، فالقولُ قولُ السيدِ؛ لِما ذَكَرْنا.