للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مُقابَلَتِه، ولأنَّ هذا يُشْبِهُ رِبَا الجاهِليَّةِ المُحَرَّمَ، وهو الزِّيادَةُ في الدَّين للزِّيادَةِ في الأجَلِ. ويُفارِقُ المسألَةَ الأُولَى مِن هذين الوَجْهَين. فإن قِيلَ: فكما أنَّ الأجَلَ لا يَتَأخَّرُ، فكذلك لا يَتَعَجَّلُ، ولا يَصِيرُ المُؤَجَّلُ حالًا، فلِمَ جاز في المسألَةِ الأُولَى؟ قُلْنا: إنَّما جاز في المسألةِ الأُولَى بالتَّعْجِيلِ فِعْلًا، فإنَّه إذا دَفَعَ إليه الدَّينَ المُؤَجَّلَ قبلَ مَحِلِّه جازَ، وجاز للسيدِ إسقاطُ باقِي حَقِّه عليه، وفي هذه المسألةِ يأْخُذُ أكْثَرَ ممَّا وَقَعَ عليه العَقْدُ، فهو ضِدُّ المسألةِ الأُولَى. وهو مُمْتَنِعٌ مِن وَجْهٍ آخَرَ، لأنَّ في ضِمْنِ الكتابةِ إنَّكَ متى أدَّيتَ إلَيَّ كذا فأنتَ حُرٌّ. فإذا أدَّى إليه ذلك فيَنْبَغِي أن يَعْتِقَ. فإن قِيلَ (١): فإذا غُيِّرَ الأجَلُ والعِوَضُ، فكأنَّهما فَسَخا الكِتابَةَ الأُولَى وجَعَلا كتابةً ثانِيةً. قُلْنا: لم يَجْرِ (٢) بينَهما فَسْخٌ؛ وإنَّما قَصَدا تَغْيِيرَ العِوَضِ والأجَلِ على وَجْهٍ لا يَصِحُّ، فبَطَلَ التَّغْيِيرُ وبَقِيَ العَقْدُ بحالِه. ويَحْتَمِلُ أن يَصِحَّ ذلك، كما في المسألَةِ الأُولَى. فعلى هذا، لو اتَّفَقَا على ذلك ثم رَجَعَ أحَدُهما قبلَ التَّعْجِيلِ، فله الرُّجُوعُ؛ لِما ذَكَرْنا مِن أنَّ الدَّينَ المُؤَجَّلَ (٣) لا يَتَأخَّرُ عن أجَلِه، ولا يَتَقَدَّمُ، وإنَّما له أن يُؤَدِّيَه قبلَ مَحِلِّه. ولمَن له الدَّينُ تَرْكُ قَبْضِه في مَحِلِّه، وذلك إلى اخْتِيارِه. فإذا وَعَد به ثم رَجَع قبلَ الفِعلِ فله ذلك.


(١) سقط من: الأصل.
(٢) في الأصل: «يجز».
(٣) في م: «المتأخر».