للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

شَرْطُ (١) تَرْكِ السَّفَرِ عليه، كما لو أقْرَضَ لرجلٍ قَرْضًا بشَرْطِ أن لا يسافِرَ. وقال أبو الخَطَّابِ: يَصِحُّ الشَّرْطُ، وله مَنْعُه مِن السَّفَرِ. وهو قولُ مالكٍ؛ لقولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ» (٢). ولأنَّه شَرْطٌ له فيه فائِدَةٌ، فلَزِمَ، كما لو شَرَطَ نَقْدًا مَعْلومًا. وبيانُ فائِدَتِه، أنَّه لا يأْمَنُ إباقَه وأنَّه لا يَرْجِعُ إلى سيدِه، فيَفُوتُ العَبْدُ والمالُ الذي عليه. ويُفارِقُ القَرْضَ، فإنَّه عَقْدٌ جائِزٌ مِن جانِبِ المُقْرِضِ، متى شاء طالبَ بأخذِه ومَنَعِ الغَرِيمَ السَّفَرَ قبلَ إيفائِه (٣)، فكان المَنْعُ مِن السَّفَرِ حاصِلًا بدُونِ شرْطِه، بخِلافِ الكِتابَةِ، فإنَّه لا يُمْكِنُ السيدَ مَنْعُه مِن السَّفَرِ إلَّا بشَرْطِه، وفِيه حِفْظُ عبدِه ومالِه، فلا يُمْنَعُ مِن تَحْصِيلِه. وهذا أصَحُّ، إن شاء اللهُ تعالى. فعلى هذا الوَجْهِ، لسيدِه مَنْعُه مِن السَّفَرِ فإن سافر بغيرِ إذْنِه فله رَدُّه إن أمْكَنَه، وإن لم يُمْكِنْه رَدُّه، احْتَمَلَ أنَّ له تَعْجِيزَه ورَدَّه إلى الرِّقِّ؛ لأنَّه لم يَفِ بما شُرِط عليه، أشْبَه ما لو لم يَفِ بأداءِ الكِتابَةِ، واحْتَمَلَ أن لا يَمْلِكَ ذلك، لأنَّه مُكاتَبٌ كِتابةً، صَحِيحةً لم يَظْهَرْ عَجْزُه، فلم يَمْلِكْ تَعْجِيزَه، كما لو لم يَشْرُطْ عليه.


(١) سقط من: م.
(٢) تقدم تخريجه في ١٠/ ١٤٩، وانظر صفحة ٢٠.
(٣) في الأصل: «إبقائه».