فصل: إذا وصَّى السيدُ بمالِ الكِتابَةِ صَحَّ. فإن سَلَّمَ مال الكِتابَةِ إلى المُوصَى له، أو وَكِيله، أو وَلِيِّه إن كان مَحْجُورًا عليه، بَرِئ منه، وعَتَقَ، ووَلاؤُه لسيدِه الذي كاتَبَه؛ لأنَّه المُنْعِمُ عليه، وإن أبرأه مِن المالِ، عَتَقَ؛ لأنَّه بَرِئ مِن مالِ الكِتابَةِ، فأشْبَهَ ما لو أدَّى، وإن أعْتَقَه، لم يَعْتِقْ؛ لأنَّه لا يَمْلِكُ رَقَبَتَه، وإنَّما وَصَّى له بالمالِ الذي عليه، وإن عَجَزَ ورُدَّ في الرِّق، صارَ عَبْدًا للوَرَثَةِ، وما قَبَضَه المُوصَى له مِن المالِ فهو له؛ لأنَّه قَبَضَه بحُكْمِ الوَصِيَّةِ الصَّحيحَةِ، والأمْرُ في تَعْجِيزِه إلى الوَرَثَةِ؛ لأنَّ الحَقَّ يَثْبُتُ لهم بتَعْجِيزِه ويَصِيرُ عبدًا لهم، فكانت الخِيَرَةُ في ذلك إليهم، وتَبْطُلُ وَصِيَّة المُوصَى له بتَعْجِيزِه. وإن وَصَّى بمالِ الكِتابةِ للمساكِينِ، ووَصَّى إلى مَن يقْبضُه ويُفَرِّقُه بينَهم، صَحَّ، ومتى سَلَّمَ المال إلى الوصِيِّ بَرِيء وعَتَقَ. وإن أبرَأه منه لم يَبْرأ؛ لأنَّ الحَقَّ لغيرِه. فإن دَفَعَه المُكاتَبُ إلى المساكِينِ لم يَبْرأ منه ولم يَعْتِقْ؛ لأنَّ التَّعْيِينَ إلى الوَصِيِّ دُونَه. وإن وَصَّى بدَفْعِ المالِ إلى غُرَمائِه، تَعَيَّنَ القَضَاءُ منه، كما لو وَصَّى به عَطيَّةً لهم، فإن كان إنَّما وَصَّى بقَضاءِ دُيُونِه مُطْلَقًا، كان على المُكاتَب أن يَجْمَعَ بينَ الوَرَثَةِ والوَصِيِّ بقَضَاءِ الدَّينِ، ويدْفَعَه إليهم بحَضْرَتِه؛ لأَنَّ المال للوَرَثَةِ، ولهم قَضاءُ الدَّينِ منه ومِن غيرِه، وللوَصِيِّ في قَضَاءِ الدَّينِ حَقٌّ؛ لأن له مَنْعَهم مِن التَّصرُّفِ في التَّرِكَةِ قبلَ قَضاءِ الدَّينِ.
فصل: إذا مات رجلٌ وخَلَّفَ ابْنَين وعَبْدًا، فادَّعَى العبدُ أنَّ سَيدَه كاتَبَه، فصَدَّقاه، ثَبَتتِ الكِتابَةُ؛ لأنَّ الحَقَّ لهما. وإن أنْكَراه،