للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الفصل الأوَّلُ: أنَّه يَجِبُ على السيدِ إيتاءُ المُكاتَبِ شيئًا ممَّا كُوتِبَ عليه. رُوِيَ ذلك عن عليٍّ، رَضِيَ اللهُ عنه. وبه قال الشافعيُّ، وإسحاق. وقال بُرَيدَةُ، والحسنُ، والنَّخَعِيُّ، والثَّوْرِيُّ، ومالكٌ، وأبو حنيفةَ: ليس بواجِبٍ؛ لأنَّه عَقْدُ مُعاوَضَةٍ، فلا يَجبُ فيه الإِيتاءُ، كسائِرِ عُقُودِ المُعاوَضاتِ. ولَنا، قولُ اللهِ تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} (١). وظاهِرُ الأمْرِ الوُجُوبُ. قال عليٌّ، رَضِيَ اللهُ عنه: ضَعُوا عنهمِ (٢) رُبْعَ مالِ الكِتابَةِ (٣). وعن ابنِ عباس، قال: ضَعُوا عنهم مِن مُكاتبَتِهم (٤) شيئًا (٥). وتُفارِق الكِتابَةُ سائِرَ العُقُودِ، فإنَّ القَصْدَ بها رِفْقُ العبدِ، بخِلافِ غيرِها, ولأنَّ الكِتابَةَ يَسْتَحِقُّ بها الوَلاءَ على العبدِ مع المُعاوَضَةِ، فكذلك يَجِبُ أن يَسْتَحِقَّ العبدُ على السيدِ شيئًا. فإن قِيلَ: المُرادُ بالإِيتاءِ إعْطاؤه سهْمًا مِن الصَّدَقَةِ، والنَّدْبُ إلى التَّصَدُّق عليه، وليس ذلك وَاجِبًا، بدليلِ أنَّ العَقْدَ يُوجِبُ العِوَضَ عليه، فكيف يَقْتَضِي إسْقاطَ شيءٍ منه؛ قُلْنا: أمَّا الأوَّلُ، فإنَّ عَلِيًّا، وابنَ عباس، رَضِيَ الله


(١) سورة النور ٣٣.
(٢) في م: «عنه».
(٣) أخرجه عبد الرزاق، في: المصنف ٨/ ٣٧٥، ٣٧٦. والبيهقي، في السنن الكبرى ١٠/ ٣٢٥ مرفوعًا وموقوفا.
(٤) في الأصل: «كابتهم».
(٥) أخرج البيهقي، في: باب ما جاء في تفسير قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ. . . .}، من كتاب المكاتب. السنن الكبرى ١٠/ ٣٣٠.