على كلا القَوْلَين؛ لأنَّ (١) السِّرايةَ إنَّما تكونُ فيما إذا أُعْتِقَ بعضُه وبَقِيَ بعضُه رَقِيقًا، وجَمِيعُهم متَّفِقونَ على خِلافِ ذلك. وهذا مَنْصوصُ الشافعيِّ.
فصل: فإنِ ادَّعَى العبدُ أنَّه دَفَعَ المائَةَ إلى أحَدِهما؛ ليَدْفَعَ إلى شَرِيكِه حَقَّه ويأْخُذَ الباقِيَ، فأنْكَرَ المُدَّعَى عليه، حَلَفَ وبَرِئَ. فإن قال: إنَّما دَفَعْتَ إليَّ حَقِّي، وإلى شَرِيكي حَقَّه. ولا بَيِّنَةَ للعبدِ، فالقولُ قولُ المدَّعَى عليه، في أنَّه لم يَقْبِضْ إلَّا قَدْرَ حَقِّه، مع يَمِينِه، ولا نزاعَ بينَ العبدِ وبينَ الآخَرِ؛ لأنَّه لم يَدَّعِ عليه شيئًا، وله مُطالبَةُ العبدِ بجميعِ حَقِّه، وله مُطالبَتُه بنِصْفِه، ومُطالبَةُ القابضِ بنِصْفِ ما قَبَضَه، فإنِ اختار مُطالبَةَ العبدِ، فله القَبْضُ منه بغيرِ يَمِينٍ، وإنِ اخْتارَ الرُّجُوعَ على شَرِيكِه بنِصْفِه، فللشَّرِيكِ عليه اليَمِينُ أنَّه لم يَقْبِضْ مِن المُكاتَبِ شيئًا؛ لأنَّه لو أقَرَّ بذلك لسَقَطَ حَقُّه مِن الرُّجُوعِ، فإذا أنْكَرَه لَزِمَتْه اليَمِينُ. فإن شَهِدَ القابِضُ على شَرِيكِه بالقَبْضِ لم تُقْبَلْ شهادَتُه؛ لمعْنَيَين؛ أحدُهما، أنَّ المُكاتَبَ لم يَدَّعِ عليه شيئًا، وإنَّما تُقْبَلُ البَيِّنَةُ إذا شَهِدَت بصِدْقِ المدَّعِي. الثَّاني، أنَّه يَدْفعُ عن نَفْسِه مَغْرَمًا. فإن عَجَزَ العَبْدُ فلغيرِ القابِضِ أن يَسْتَرِقَّ نِصْفَه، ويُقَوَّمُ عليه نَصِيبُ شَرِيكِه؛ لأنَّ العبدَ مُعْتَرِفٌ برِقِّه، غيرُ مُدَّعٍ لحُرِّيةِ هذا النَّصِيبِ، بخِلافِ التي قَبْلَها. ويَحْتَمِلُ أن لا يُقَوَّمَ أيضًا؛ لأنَّ القابضَ يَدَّعِي حُرِّيةَ جَمِيعِه، والمُنْكِرُ يَدَّعِي ما يُوجِبُ رِقَّ جَمِيعِه، فإنَّهما