أنَّهم لا يَعْلَمُون أنَّه أدَّى؛ لأنَّها يَمِينٌ على نَفْي فِعْلِ الغيرِ. فإن أقام أحَدُ العَبْدَين بيِّنَةً أنَّه أدَّى عَتَقَ، سَواءٌ كان قبلَ القُرْعَةِ أو بَعْدَها، في حياةِ سيدِه أو بعدَ مَوْتِه. وإن كان ذلك قبلَ القُرْعَةِ، تَعَيَّنَتَ الحُرِّيةُ فيه ورَقَّ الآخَرُ. فإن كان بعدَها، فكذلك؛ لأنَّ القُرْعَةَ ليست عِتْقًا، وإنَّما هي مُعَيِّنَةٌ للعِتْقِ، والبَيِّنَةُ أقْوَى منها، فيَثْبُتُ بها خَطَأُ القُرْعَةِ، فيَتَبَيَّنُ بَقاءُ الرِّقِّ في الذي ظَنَنَّا حُرِّيَّتِه، كما تَبَيَّنَّا حُرِّيةَ مَن ظَنَنَّا رِقَّه. ولأنَّ مَن لم يُؤَدِّ لا يَصِيرُ مُؤَدِّيًا بوُقوعِ القُرْعَةِ له، فلا يُوجَدُ حُكْمُه الذي هو العِتْقُ. ويتَخَرَّجُ على قولِ أبي بكرٍ وابنِ حامدٍ، أن يَعْتِقا، على ما نذْكُرُ في الطلاقِ. وكذلك الحُكْمُ فيما إذا ذَكَرَ السيدُ المؤدِّيَ منهما، ومتى ادَّعى الآخَرُ أنَّه أدَّى فله اليمينُ على المدَّعَى عليه، مِن السيدِ والورثةِ، إلَّا أنَّ السيدَ يَحْلِفُ على البَتِّ، وأمَّا الوَرَثَةُ فإنِ ادَّعَى أنَّه دَفَعَ إلى مَوْرُوثِهم حَلَفُوا على نَفْي العِلْمِ، وإنِ ادَّعَى أنَّه دَفَعَ إليهم حَلَفُوا على البَتِّ، وعلى كُلِّ واحِدٍ منِ الوَرَثَةِ يَمِينٌ، لأنَّ كلَّ واحِدٍ منهم مُدَّعًى عليه، فلَزِمَتْه اليَمِينُ، كما لو انْفَرَدَ بالدَّعْوَى.
فصل: إذا كان للمُكاتَبِ أولادٌ مِن مُعْتَقَةِ غيرِ سيدِه، فقال سيدُه: قد أدَّى إليَّ وعَتَقَ، فانْجَرَّ ولاءُ وَلدِه إليَّ. فأنْكَرَ ذلك مَوْلَى أُمِّهم وكان المُكاتَبُ حَيًّا، صار حُرًّا بهذا القَولِ؛ لأنَّه إقْرارٌ مِن سيدِه بعِتْقِه، ويَنْجَرُّ وَلاءُ ولدِه إليه، وإن كان مَيِّتًا فالقولُ قَوْلُ مَوْلَى أُمِّهم، لأنَّ الأصْلَ بقاءُ الرِّقِّ وبقاءُ وَلائِهم له، فيَحْلِفُ، ويَبْقَى وَلاؤُهم له.