للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والتَّصَرُّفُ في مالِه، وصِحَّةُ بَيعِه وهِبَتِه وعِتْقِه، ولأنَّ الولَد لو مات لم يَرِثْ أبُوه منه إلَّا ما قُدِّرَ له، ولو كان ماله لاخْتَصَّ به، ولو مات الأبُ لم يَرِثْ ورَثتُه مال ابْنِه (١)، ولا يجبُ على الأبِ حَجٌّ ولا زَكاةٌ ولا جِهادٌ بيَسارِ ابنِه، فعُلِمَ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إنَّما أراد التَّجَوُّزَ بتَشبِيهِه بمالِه في بعضِ أحْكامِه. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه لا حَدَّ على الأبِ؛ للشُّبْهَةِ؛ لأنَّه إذا لم يَثْبُتْ له حقيقةُ المِلْكِ، فلا أقَلَّ مِن أن يكونَ شُبْهَةً تَدْرَأُ الحَدَّ، فإنَّ الحَدَّ يُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ، ولكن يُعَزَّرُ؛ لأنَّه وَطِيء وَطْئًا مُحَرَّمًا، فأشْبَهَ وَطْءَ الجارِيَةِ المُشْتَرَكَةِ. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، أنَّه لا يُعَزَّرُ؛ لأنَّ مال ولَدِه كما لِه. ولا يَصِحُّ؛ لأنَّ ماله مُباحٌ له، غيرُ مَلُوم عليه، بخِلافِ وَطْءِ الأبِ، فإنَّه عادٍ فيه مَلُومٌ عليه. فإن عَلِقَتْ منه، فالولدُ حُرٌّ؛ لأنَّه مِن وَطْءٍ دُرِئَ فيه الحَدُّ لِشُبْهَةِ المِلْكِ، فكان حُرًّا، كولدِ الجارِيَةِ المُشْتَرَكَةِ، ولا تَلْزَمُه قِيمَتُه؛ لأنَّ الجارِيَةَ تَصِيرُ مِلْكًا له بالوَطْءِ، فيَحْصُلُ عُلوقُها بالولدِ وهي مِلْكُه، وتَصِيرُ أُمَّ ولدٍ له، تَعْتِقُ بمَوْتِه وتَنْتَقِلُ إلى مِلْكِه، فيَحِلُّ له وَطْؤُها بعدَ ذلك. وبهذا قال أبو حنيفةَ، والشافعيُّ، في أحَدِ قولَيه. وقال في الآخَرِ: لا تَصِيرُ أُمَّ ولَدٍ له،


(١) في الأصل: «أبيه».