القسمُ الثالثُ: أن يُوجَدَ مِن المرأةِ ما يَدُلُّ على الرِّضَا والسُّكُونِ، تَعْرِيضًا لا تَصْريحًا، كقولِها: ما أنْتَ إلَّا رِضًا. و: ما عَنْكَ رَغْبَةٌ. فهذا في حُكْمِ الأوَّلِ، لا يَحِلُّ لغيرِه خِطْبَتُها. هذا ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، وظاهِرُ كلامِ أحمدَ، فإنَّه قال: إذا رَكَن بعضُهم إلى بعضٍ، فلا يَحِلّ لأحدٍ أن يَخْطُبَ. والرُّكُونُ يُسْتدلُّ عليه بالتَّعْرِيضِ تارَةً، وبالتَّصريح أخْرَى. وقال القاضي: ظاهِرُ كلامِ أحمدَ إباحَةُ خِطْبَتِها. وهو مذهبُ الشافعي في الجديدِ؛ لحديثِ فاطمةَ، حيثُ خَطَبَها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -. وزَعَموا أنَّ الظاهِرَ مِن كلامِها رُكُونُها إلى أحَدِهِما. واسْتَدَلَّ القاضي بخِطْبَتِه لها قبلَ سُوالِها هل وُجِد منها ما دلَّ على الرِّضَا أو لا. ولَنا، عُمُومُ قولِه عليه الصلاةُ والسَّلامُ:«لا يَخْطُبُ أحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أخيهِ». ولأنَّه وُجِد منها (١) ما دَلَّ على الرِّضَا، فحَرُمَتْ خِطْبَتُها، كما لو صَرَّحَتْ بذلك. وأمّا حديثُ فاطمةَ، فلا حُجَّةَ لهم فيه، فإنَّ فيه ما يَدُلَّ على أنَّها لم تَرْكَنْ إلى واحِدٍ منهما مِن وَجهَينَ؛ أحَدُهما، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -