مَعْناه، فإنَّ الإِعْراضَ قد وُجِدَ مِن جهَتِه بالتَّفَرُّقِ، فلا يكُونُ قَبُولًا. وكذلك إذا تَشاغَلا عنه (١) بما قَطَعَه؛ لأَنَّه مُعْرِضٌ عن العَقْدِ بالاشْتِغالِ عن قبُولِه (وعنه، لا يَبْطُلُ) فإنَّ أبا طالِبٍ نَقَل عن أحمدَ، في رجل مَشَى إليه قَوْمٌ، فقالوا له: زَوِّجْ فُلانًا. قال: قد زَوَّجْتُه على ألْفٍ. فرَجَعُوا إلى الزَّوْجِ فأخْبرُوه، فقال: قد قَبِلْتُ. هل يَكونُ هذا نِكاحًا؟ قال: نعم. قال القاضي: هذا مَحْمُول على أنَّه وَكَّلَ مَن قَبِلَ التَّزْويجَ في المجْلِسِ. وقال أبو بكر: مسْألَةُ أبي طالِبٍ تَتَوَجَّهُ على قَوْلَين. واختارَ أنَّه لا بدَّ مِن القَبُولِ في المَجْلِسِ، وهو الصحيحُ، إن شاءَ اللهُ تعالى.
فصل: فإن أوْجَبَ النِّكاحَ ثم زال عَقْلُه بجُنُونٍ أو إغْماءٍ، بَطَل حُكْمُ الإِيجابِ، ولم يَنْعَقِدْ بالقَبُولِ بعدَه؛ لأنَّه ما لم يُضامَّه القَبُولُ لم يَكُنْ عَقْدًا، فبَطَلَ بزَوالِ العَقْلِ، كالعُقُودِ الجائِزَةِ تَبْطُلُ بالمَوْتِ والجُنُونِ. وهذا مذهبُ الشافعيِّ. وإن نامَ لمْ يَبْطُلْ حُكْمُ الإِيجابِ؛ لأنَّه لا يُبْطِلُ العُقُودَ الجائزةَ، فكذلك هذا.
فصل: ولا يَثْبُتُ الخِيارُ في النِّكاحِ، وسَواءٌ في ذلك خِيارُ المَجْلِسِ وخِيارُ الشَّرْطِ. ولا نَعْلَمُ أحَدًا خالفَ في هذا؛ لأنَّ الحاجَةَ غيرُ داعِيَةٍ إليه، فإنَّه لا يَقَعُ في الغالِبِ إلَّا بعدَ رَويَّةٍ وفِكْرَةٍ، ومَسْألَةِ كلِّ واحِدٍ مِن الزَّوْجَين