للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: وللأبِ تَزْويجُ البالِغِ المَعْتُوهِ، في ظاهِرِ كلام أحمدَ، والخِرَقِيِّ، مع ظُهُورِ أماراتِ الشَّهْوَةِ وعَدَمِها. وقال القاضي: إنَّما يَجُوزُ تَزْويجُه إذا ظَهَرَتْ منه أماراتُ الشَّهْوَةِ باتِّباعِ النِّساءِ ونحوه. وهو مَذْهَبُ الشافعيِّ، لأنَّ في تَزْويجِه مع عَدَم حاجَتِه إضْرارًا به، بإلْزامِه حُقُوقًا لا مَصْلَحَةَ له في إلْزامِها. وقال أبو بكَرِ: ليس للأبِ تَزْويجُه (١) بحالٍ؛ لأنَّه رجلٌ، فلم يَجُزْ إجْبارُه على النِّكاحِ، كالعاقِلِ. وقال زُفَرُ: إن طَرَأ عليه الجنُونُ بجدَ البُلُوغِ لم يَجُزْ، وإن كان مُسْتَدامًا جازَ. ولَنا، أنَّه غيرُ مُكَلَّفٍ، فجازَ لأبيه تَزْويجُه، كالصغيرِ، فإنَّه إذا جازَ تَزْويجُ الصَّغِيرِ مع عَدَمِ حاجَتِه في الخالِ وتَوَقُّعِ نَظَرِه، فعندَ الحاجَةِ أوْلَى. ولَنا على التَّسْويَةِ بينَ الطَّارئ والمُسْتَدام، أنَّه مَعْنًى يُثْبِتُ الولايةَ، فاسْتَوَى طارِئُه ومُسْتَدامُه، كالرِّقِّ، ولأَنَّه جُنُونٌ يُثْبِتُ الو لايةَ على مالِه، فأثْبَتَها عليه في نِكاحِه، كالمُسْتَدام. فأمَّا اعْتِبارُ الحاجَةِ، فلا بُدَّ منها، فإنَّه لا يَجُوزُ لوَلِيِّه تَزْويجُه إلَّا إذا رَأى المَصْلَحَةَ فيه، غيرَ أنَّ الحاجَةَ لا تَنْحَصِرُ في قَضاءِ الشَّهْوَةِ، بل قد تَكونُ حاجَتُه إلى الإِيواءِ والحِفْظِ، ورُبَّما كان دَواءً له يُتَرَجَّى به شِفاؤه، فجازَ التَّزْويجُ له، كقَضاءِ الشَّهْوَةِ.


(١) سقط من: م.