للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الشَّافعيُّ؛ لقولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «فَإِنِ اشْتَجَرُوا، فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» (١). ولأنَّ ذلك حَقٌّ عليه امْتَنَعَ مِن أدائِه، فقامَ الحاكِمُ مَقامَه، كما لو كان عليه دَينٌ فامْتَنَعَ مِن قَضائِه. ولَنا، أنَّه تَعَذَّرَ التَّزْويجُ مِن جِهَةِ الأقْرَبِ، فمَلَكَه الأبعَدُ، كما لو جُنَّ. ولأنَّه يَفْسُقُ بالعَضْلِ، فتَنْتَقِلُ الولايةُ عنه، كما لو شَرِبَ الخَمْرَ. فإن عَضَل الأوْلياءُ كلُّهم زَوَّجَ الحاكمُ. والحديثُ حُجَّةٌ لنا؛ لقولِه: «السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَن لا وَلِيَّ لَهُ». وهذه لها وَلِيٌّ. ويُمْكِنُ حَمْلُه على ما إذا عَضَل الكُلُّ؛ لأنَّ قوْلَه: «فإنِ اشْتَجَرُوا». ضَمِيرُ جَمْعٍ يَتَناوَلُ الكُلَّ. والولايةُ تُخالِفُ الدَّينَ مِن وُجُوهٍ ثلاثةٍ؛ أحَدُها، أنَّها حَقٌّ للوَلِيِّ، والدَّينُ عليه. الثاني، أنَّ الدَّينَ لا يَنْتَقِلُ عنه، والولايةُ تَنْتَقِلُ عنه لعارِضٍ؛ مِن جُنُونِ الوَلِيِّ وفِسْقِه. الثالثُ، أنَّ الدَّينَ لا تُعْتَبَرُ في بَقائِه العَدَالةُ، والولايةُ يُعْتَبَرُ لها ذلك، وقد زالتِ العَدالةُ بما ذَكَرْناه. فإن قيلَ: لو زالتْ ولايتُه لَما صَحَّ منه التَّزْويجُ إذا أجابَ إليه. قُلْنا: فِسْقُه بامْتِنَاعِه، فإذا أجابَ فقد نَزَع عن المَعْصِيَةِ، وراجَعَ الحَقَّ، فزال فِسْقُه، فلذلك (٢) صَحَّ تَزْويجُه. وقد رُوِيَ عن مَعْقِلِ بنِ يَسارٍ،


(١) تقدم تخريجه في ١٦/ ٣١١، ٣١٢.
(٢) في م: «فكذلك».