افْتَقَرَ إلى الإِيجابِ افْتَقَرَ إلى القَبُولِ، كسائِرِ العُقُودِ. والثاني، يَكْفِيه أن يقولَ: زَوَّجْتُ نَفْسِي فُلانَةَ. أو: تَزَوَّجْتُ فُلانَةَ. وهو قولُ مالكٍ، وأبي حنيفةَ؛ لحديثِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوْفٍ، ولأنَّ إيجابَه يَتَضَمَّنُ القَبُولَ، فأشْبَهَ إذا تَقَدَّمَ الاسْتِدْعاءُ، ولهذا قُلْنا: إذا قال لأمَتِه: أعْتَقْتُكِ، وجَعَلْتُ عِتْقَكِ صَدَاقَكِ. انْعَقَدَ النِّكاحُ بمُجَرَّدِ هذا القولِ. والرِّوايةُ الثانيةُ، لا يَجُوزُ أن يَتَوَلَّى طَرَفَيِ العَقْدِ، ولكنْ يُوَكِّلُ رجلًا يُزَوِّجُه إياها بإذْنِها. ذَكَرَها الخِرَقِيُّ. قال أحمدُ في رِوايةِ ابنِ مَنْصورٍ: لا يُزَوِّجُ نَفْسَه حتَّى يُوَلِّيَ رجلًا، على حديثِ المُغِيرَةِ بنِ شعْبَةَ. وهو ما روَى أبو داودَ (١) بإسْنادِه عن عبدِ الملكِ بنِ عُمَيرٍ، أنَّ المُغِيرَةَ بنَ شُعْبَةَ أمَرَ رجلًا يُزَوِّجُه امْرأةً المُغِيرَةُ أوْلَى بها منه. ولأنَّه عَقْدٌ مَلَكَه بالإِذْنِ، فلم يَجُزْ أن يَتَوَلَّى طَرَفَيه، كالبَيعِ. وبهذا فارَقَ ما إذا زَوَّجَ أمَتَه عبدَه الصغيرَ. وعلى هذه الرِّوايةِ، إن وَكَّلَ مَن يَقْبَلُ له النِّكاحَ، وتوَلَّى هو الإيجابَ، جازَ. وقال الشافعيُّ في ابنِ العَمِّ والمَوْلَى: لا يُزَوِّجُهما إلَّا الحاكِمُ، ولا يَجُوزُ أن
(١) الحديث ليس عند أبي داود. انظر فتح الباري ٩/ ١٨٨. وعلقه البخاري، في: باب إذا كان الولي هو الخاطب، من كتاب النِّكَاح. صحيح البخاري ٧/ ٢١. ووصله عبد الرزاق، في: المصنف ٦/ ٢٠١، ٢٠٢. وسعيد بن منصور في: سننه ١/ ١٥٣.