للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والبُلُوغُ، والإِسْلامُ، فأمَّا الذّكُورِيَّةُ، فقال أحمدُ: إذا تَزَوَّجَ بشَهادَةِ نِسْوَةٍ، لم يَجُزْ ذلك؛ لما روَى أبو عُبَيدٍ (١) في «الأمْوالِ» عن الزُّهْرِيِّ، قال: مَضَتِ السُّنَّةُ مِن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أن لا تَجُوزَ شَهادَةُ النِّساءِ في الحُدُودِ، ولا في النِّكاحِ، ولا في الطَّلاقِ. ولأنَّه عَقْدٌ ليس بمالٍ، ولا المَقْصُودُ منه المال، ويَطَّلِعُ عليه الرِّجالُ في غالِبِ الأحْوالِ، فلم يَثْبُتْ بشَهادَتِهِنَّ كالحُدُودِ. الثاني، العَدالةُ، وفي انْعِقادِ النِّكَاحِ بشهادَةِ الفاسِقَين رِوايتَان؛ إحْدَاهما، لا يَنْعَقِدُ. وهو مذهبُ الشَّافعيِّ؛ للخَبَرِ. ولأنَّ النِّكاحَ لا يَثْبُتُ بشَهادَتِهما، فلم يَنْعَقِدْ بحُضُورِهما، كالمَجْنُونَين. والثانيةُ، يَنْعَقِدُ بشَهادَتِهما. وهو قولُ أبي حنيفةَ؛ لأنَّه تَحَمُّلٌ، فصَحَّتْ مِن الفاسِقِ، كسائرِ التَّحَمُّلاتِ. وعلى كلتا الرِّوَايتَين لا تُعْتَبَرُ حَقِيقَةُ العَدالةِ، بل يَنْعَقِدُ بشَهادَةِ مَسْتُورِي الحالِ؛ لأنَّ النِّكاحَ يكونُ في القُرَى والبَوادِي، وبينَ عامَّةِ النَّاسِ ممَّن (٢) لا يَعْرِفُ حقيقةَ العَدالةِ، فاعْتِبارُ ذلك يَشُقُّ، فاكْتُفِيَ بظاهرِ الحالِ، وكَوْنِ الشَّاهِدِ مَسْتُورًا لم يَظْهَرْ فِسْقُه، فإن تَبَيَّنَ بعدَ العَقْدِ أنَّه كان فاسِقًا، لم يُؤثِّرْ في العَقْدِ؛ لأنَّ الشَّرْطَ العَدَالةُ ظاهِرًا، وهو أن لا يكونَ ظاهِرَ الفِسْقِ، وقد تَحَقَّقَ ذلك. وقيل: نَتَبَيَّنُ أنَّ النِّكَاحَ كان فاسِدًا؛ لعَدَمِ الشَّرْطِ. ولا يَصِحُّ؛ لأنَّه لو كانتِ العَدالةُ


(١) وأخرجه ابن أبي شيبة، في: المصنف ١٠/ ٥٨ مختصرًا. وانظر نصب الراية ٤/ ٧٩، وتلخيص الحبير ٤/ ٢٠٧.
(٢) في م: «مما».