أنَّه إن أصْدَقَها رَجَعَ عليها، أو تَشْرُطُ عليه أن لا يَطَأها، أو يَعْزِلَ عنها، أو لا يكونَ عندَها في الجُمُعَةِ إلَّا ليلةً، أو شَرَط لها النّهارَ دونَ الليلِ، أو شَرَط على المرأةِ أن تُنْفِقَ عليه، أو تُعْطِيَه شيئًا، فهذه الشُّرُوطُ كلُّها باطِلة في نَفْسِها، لأنَّها تُنافِي مُقْتَضَاه، وتَتَضَمَّنُ إسْقاطَ حُقُوقٍ تَجِبُ بالعَقْدِ قبلِ انْعِقادِه، فلم يَصِحَّ، كما لو أسْقَطَ الشَّفِيعُ شُفْعَتَه قبلَ البَيعِ. فأمَّا العقدُ في نفْسِه فهو صَحِيحٌ؛ لأنَّ هذه الشروطَ تَعُودُ إلى مَعْنًى زائدٍ في العَقْدِ، لا يُشتَرَطُ ذِكْرُه، ولا يَضُرُّ الجَهْلُ به، فلم يُبْطِلْه، كما لو شَرَط في العَقْدِ صَدَاقًا مُحَرَّمًا. ولأنَّ النِّكاحَ يَصِحُّ مع الجَهْلِ بالعِوَضِ، فجازَ أن يَنْعَقِدَ مع الشَّرطِ الفاسدِ، كالعَتاقِ. وقد نَصَّ أحمدُ، في مَن تَزَوَّجَ امرأةً وشَرَط عليها أن يَبِيتَ عندَها في كلِّ جُمُعَةٍ ليلةً، ثم رَجَعَتْ وقالتْ: لا أرْضَى إلَّا ليلةً وليلةً. فقال: لها أن تَتْرُكَ (١) بطِيبِ نفْسٍ منها، فإنَّ ذلك جائزٌ.