وسمع بحلب من الافتخار عبد المطلب الهاشمى: الشمائل للترمذى، وسمع بحماة وبحمص، ودمشق، ومصر، وبالإسكندرية من جعفر الهمدانى.
وذكره الحافظ عماد الدين منصور بن سليم فى تاريخ الإسكندرية، ومنه كتبت بعض هذه الترجمة، وذكر أنه بعد رجوعه منها ولى القضاء بمكة، ثم انتقل إلى زبيد فاستوطنها، وقال: أخبرنى بذلك صاحبنا أبو الفرج بن شاكر الواسطى اليمنى. وكلام الحافظ عماد الدين منصور ليس فيه بيان لولاية المذكور للقضاء بمكة، هل هى استقلال أو نيابة عن قضاتها الشيبانيين، ولا متى كانت.
وقد وجدت ما يوضح شيئا من ذلك، لأنى رأيت مكتوبا بمبيع ثبت عليه وحكم بصحته، وأشهد على نفسه بثبوته. وكتب خطه بذلك فى ثالث عشرى جمادى الآخرة من سنة أربع عشرة وستمائة.
ووجدت خطه أيضا على مكاتيب ثبت عليه بعضها فى سنة اثنتين وعشرين وستمائة، وبعضها فى سنة إحدى وثلاثين، وبعضها فى سنة ثلاث وثلاثين، وبعضها فى سنة خمس وثلاثين، وبعضها فى سنة تسع وثلاثين. فيستفاد من هذا ولايته فى هذه السنين. والظاهر أنها نيابة؛ لأن الشيبانيين كانوا قضاة مكة فى هذه السنين.
ورأيت بخطه بعد نسبه: قاضى الحرم الشريف.
ووجدت بخط تلميذه أبى العباس أحمد بن على المعروف بالسرددى اليمنى، أن القاضى إسحاق هذا، دخل بغداد، وكتب له فى الديوان العباسى، أنه قاضى قضاة المسلمين شرقا وغربا وبعدا وقربا، وأنه كان يحصل له فى كل سنة من الديوان وسواه، خمسة وعشرون ألف درهم، ينفقها على أهل الحرم، ويكون من جملتهم. ولما دخل اليمن عظمه قضاتها، وكان يلقب عندهم بخزيمة العصر، وشهادته عندهم كشهادة شاهدين، لجلالته. وعاب السرددى على المحب الطبرى، كونه لم يذكر القاضى إسحاق فى مشيخة الملك المظفر صاحب اليمن، لكونه ذكر من هو دونه، وأعرض عن ذكره، مع اتصافه بهذه الأوصاف، ونسب المحب إلى التحامل عليه، ولعل الذى حمل المحب على عدم ذكره، كونه لم يجز للملك المظفر، والله أعلم.
ولم أدر متى مات القاضى إسحاق، إلا أنه كان حيا فى الرابع عشر من ذى الحجة سنة سبع وستين وستمائة؛ لأنى وجدت بخط عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن أبى بكر الطبرى ثبتا له، سمع فيه الموطأ رواية يحيى بن يحيى، على القاضى فخر الدين إسحاق،