حجهم وطوافهم بالكعبة، لم يحلوا حتى يأتوا العزى، فيطوفون بها ويحلون عندها، ويعكفون عندها يوما.
ثم أزال خالد بن الوليد رضى الله عنه العزى، بأمر النبى صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة. وذلك: لخمس ليال بقين من رمضان سنة ثمان.
وخبر العزى، وما ذكرناه من الأصنام: أبسط من هذا فى أصله، مع كون ذلك مختصرا من تاريخ الأزرقى وغيره.
* * *
[وأما أسواق مكة فى الجاهلية]
فذكر الأزرقى فيها خبرا طويلا. ذكرنا طرفا منه فى أصله. ونشير هنا إلى ما نبين به المقصود منه بلفظه فى البعض، وبمعناه فى البعض.
وذلك: أن أهل الجاهلية كانوا يصبحون بعكاظ يوم هلال ذى القعدة، ثم يذهبون منه إلى مجنة بعد مضى عشرين يوما من ذى القعدة، فإذا رأوا هلال ذى الحجة: ذهبوا من مجنة، إلى ذى المجاز، فلبثوا به ثمان ليال، ثم يذهبون إلى عرفة.
وكانوا لا يتبايعون فى عرفة ولا أيام منى، فلما أن جاء الله بالإسلام: أحل الله عزوجل ذلك لهم بقوله: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ)[البقرة: ١٨٩] وفى قراءة أبى بن كعب «فى مواسم الحج» يعنى: منى وعرفة، وعكاظ، ومجنة، وذى المجاز، فهذه مواسم الحج. ثم قال: وكانت هذه الأسواق بعكاظ ومجنة وذى المجاز: قائمة فى الإسلام حتى كان حديثا من الدهر.
فأما عكاظ: فإنها تركت عام حج الحرورى بمكة مع أبى حمزة المختار بن عوف الأزدى الأباطى فى سنة تسع وعشرين ومائة، وخاف الناس أن ينتهبوا، وخافوا الفتنة، فتركت حتى الآن.
ثم تركت مجنة وذو المجاز بعد ذلك، واستغنوا بالأسواق بمكة ومنى وعرفة.
قال أبو الوليد الأزرقى: وعكاظ وراء قرن المنازل بمرحلة على طريق صنعاء فى عمل الطائف على بريد منها، وهى سوق لقيس غيلان، وثقيف، وأرضها: لنضر.
ومجنة: سوق بأسفل مكة على بريد منها، وهى سوق لكنانة، وأرضها من أرض كنانة، وهى التى يقول فيها بلال رضى الله عنه: