وكان طويلا أبيض مليحا، حسن الأخلاق، حليما فضا بالزنادقة، جوادا ممدحا، محببا إلى الناس، وصولا لأصحابه، ولم يل الخلافة أحد أكرم منه ولا أبخل من ابنه. ويقال: إنه أعطى شاعرا مرة خمسين ألف دينار. ويقال: إن المنصور خلا فى الخزائن مائة ألف ألف وستين ألف ألف درهم، ففرقها المهدى.
ولما حج فى سنة ستين ومائة، قسم فى أهل مكة والمدينة، ثلاثين ألف ألف درهم، على ما قيل، وأربعمائة ألف دينار، وصلت إليه من مصر واليمن، ومائة ألف ثوب وخمسين ألفا، وكسا الكعبة، ووسع المسجد الحرام، ثم زاد فيه مرة أخرى، وأنفق فى ذلك أموالا عظيمة.
وقد ذكرنا ذلك أبسط من هذا فى كتابنا «شفاء الغرام» ومختصراته.
ولما حج حمل إليه الثلج إلى مكة، ولم يتم ذلك لأحد قبله.
وأمر فى سنة إحدى وستين، بعمارة طريق مكة، وبنائه القصور فيها، أوسع من القصور التى بناها السفاح، وأمر باتخاذ البرك، وإصلاح المياه وتجديد الأميال.
وفى سنة ست وستين ومائة أمر بإقامة البريد بين مكة واليمن، وبين المدينة النبوية ومكة، فأقيم لذلك بغال وإبل، وهو أول ما أقيم فى تلك الأراضى.
[٢٣٠ ـ محمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن قاسم، تقى الدين بن الشيخ عفيف الدين بن قاضى مكة تقى الدين، بن مفتى مكة شهاب الدين، الحرازى المكى]
سمع من عمة أبيه شيختنا أم الحسن فاطمة، والعفيف النشاورى، وأجاز له جماعة من شيوخنا الشاميين بالإجازة، واشتغل بالعلم فعاجلته المنية.
توفى فى صفر سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة.
[٢٣١ ـ محمد بن عبد الله بن أحمد بن قاسم الحرازى، أخو السابق شقيقه، يكنى أبا الفضل]
حضر على عمه فيما أحسب، وسمع من شيخنا ابن صديق وغيره. وعنى بالعلم فتنبه.
ودخل اليمن والهند طلبا للرزق. فأدركه الأجل بكلبرجة ـ ببلاد الهند ـ فى سنة عشرة وثمانمائة، ووصل نعيه فى سنة أربع عشرة وثمانمائة. وعاش نيفا وثلاثين سنة.
٢٣١ ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع ٨/ ١٠٢، وقد دخلت ترجمة الذى قبله فى هذه الترجمة).