ماتت بمكة. رأيت ذلك فى المجموع لقاضى المدينة شمس الدين محمد بن أحمد السخاوى القصبى المالكى.
[٣٥٥٠ ـ ابنة أبى الحسن المكى، الزاهدة العابدة]
كانت مقيمة بمكة حتى توفيت بها، فى سنة ست وثلاثين وستمائة، كما ذكر صاحب «المرآة».
وقال: حدثنا غير واحد، عن محمد بن أبى طاهر البزار، عن القاضى على بن المحسن التنوخى، عن أبيه، قال: حدثنى عبيد الله بن أحمد بن بكر، قال: كان لأبى الحسن المكى ابنة مقيمة بمكة، وكانت أشد ورعا من أبيها وكانت تقتات فى كل سنة بثلاثين درهما، يبعثها إليها أبوها من شق الخوص.
قال: وأخبرنى ابن أبى الرواس، وكان جارا لأبى الحسن المكى، قال: عزمت على الحج، فأتيته أستعرض حوائجه، فدفع إلى قرطاسا فيه دراهم، وقال: ترسله إلى ابنتى بمكة، فى الموضع الفلانى، قال: فأخذته، فلما وصلت إلى مكة سألت عنها، فوجدتها فى الزهد والعبادة أشهر من أبيها، ففتحت القرطاس وجعلت الثلاثين خمسينا وأتيت إليها، فسلمت عليها، وقلت: أبوك يسلم عليك، وقد بعث لك هذه الدراهم، فلما حصل القرطاس فى يدها، قالت: ايش خبر أبى؟ قلت: على خير وسلامة، قالت: هل خالط أبناء الدنيا وترك الانقطاع إلى العبادة؟ قلت: لا، قالت: فأسألك بمن حججت إلى بيته، هلى خلطت هذه الدراهم بشيء من مالك؟ قلت: ومن أين علمت؟ فقالت: ما كان أبى يزيدنى على الثلاثين شيئا، لأن حاله لا يحتمل أكثر من ذلك، إلا أن يكون قد خالط أهل الدنيا. ثم رمت بالقرطاس وقالت: خذه فقد عققتنى وأجعتنى طول السنة، وأحوجتنى إلى أن أقتات من المزابل إلى الموسم الآخر، لأن هذه كانت قوتى طول السنة، ولولا أنك ما قصدت أذاى لدعوت عليك.