وذكر: أنه توفى قبل المغرب من نهار يوم الخميس الرابع والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة إحدى عشرة وسبعمائة. ودفن بسفح قاسيون. ومولده سنة ست أو سبع وثلاثين. انتهى.
[٦٥ ـ محمد بن أحمد بن هبة الله محمد بن الخزرجى القاضى زين الدين، الشهير بابن الأنصارى]
ولى القضاء بدمنهور وغيرها من الوجه البحرى مدة. وتردد إلى مكة مرات وجاور بها وتعبد بها.
توفى يوم الثلاثاء ثالث عشر من جمادى الأولى سنة إحدى وثمانين وسبعمائة. ودفن بالمعلاة.
وكان ذا ثروة بمكة ونعمة ظاهرة. وكانت له مكارم وصدقة وافرة، وإحسان جزيل إلى الرؤساء. وله فى ذلك أخبار:
منها: أنه أهدى لقاضى القضاة برهان الدين بن جماعة بالقدس خرجا مملوءا قماشا حسنا. ونال بذلك خيرا ومكانة من ابن جماعة لما ولى قضاء الديار المصرية.
ومنها: أنه أهدى للقاضى أبى البقاء السبكى ـ لما عزم على التوجه إلى دمشق قاضيا بها بعد صرفه عن قضاء مصر بابن جماعة ـ خمسمائة مثقال ذهبا، بعد أن أتى مودعا له من بلده دمنهور.
ومنها: أنه لما مات شرف الدين المناوى والد شيخنا القاضى صدر الدين، أتى لأخيه القاضى تاج الدين المناوى، وهو إذ ذاك عبارة عن قاضى القضاة عز الدين بن جماعة لتفويضه الأمور إليه، وقال ابن الأنصارى لتاج الدين المناوى: عندى للقاضى شرف الدين المناوى عشرة آلاف درهم، فقال لتاج الدين المناوى: بمسطور؟ فقال: مثلى لا يكتب عليه مسطور، فهل ترسمون آتيكم بها أو أتسبب فيها، كما كنت أو لا؟ فقال: لا تسببوا فيها. فعجب من ذلك تاج الدين، ولم يكن عند ابن الأنصارى لشرف الدين المناوى شيء البتة. وإنما قصد التقرب إلى أخيه القاضى تاج الدين؛ ولذلك صار مكينا عنده.
وله فى الإحسان إلى القاضى محب الدين ناصر الجيش، والشيخ بهاء الدين السبكى وغيرهم من الأعيان أخبار كثيرة.