للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذا شيخ أسود على حمار، عليه قميص دنس، وجبّة دنسة، وقلنسوة لا طئة دنسة، وركاباه من خشب، فضحكت وقلت لأبى: من هذا الأعرابى؟ قال: اسكت، هذا سيد فقهاء أهل الحجاز، هذا عطاء بن أبى رباح.

فلما قرب، نزل أبى عن بغلته، ونزل هو عن حماره، فاعتنقا وتسالما، ثم عادا فركبا فانطلقا، حتى وقفا بباب هشام، فلما رجع أبى سألته فقلت: ما كان منكما؟ . قال: لما قيل لهشام: عطاء بن أبى رباح، أذن له، فو الله ما دخلت إلا بسببه، فلما رآه هشام قال: مرحبا مرحبا، هاهنا هاهنا، فرفع حتى مسّت ركبته ركبته، وعنده أشراف الناس يتحدثون، فسكتوا، فقال هشام: ما حاجتك يا أبا محمد؟ قال: يا أمير المؤمنين، أهل الحرمين أهل الله، وجيران رسول الله صلى الله عليه وسلم، تقسم فيهم عطياتهم وأرزاقهم، قال: نعم. يا غلام، اكتب لأهل المدينة وأهل مكة بعطاءين وأرزاقهم لسنة، ثم قال: أمن حاجة غيرها يا أبا محمد؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، أهل الحجاز وأهل نجد، أصل العرب وقادة الإسلام، رد فيهم فضول صدقاتهم، قال: نعم. اكتب يا غلام، بأن تردّ فيهم صدقاتهم. هل من حاجة غيرها يا أبا محمد؟ . قال: نعم يا أمير المؤمنين أهل الثغور يرمون من وراء بيضتكم، ويقاتلون عدوكم، قد أجريتم لهم أرزاقا تدرّها عليهم، فإنهم إن هلكوا غزيتم، قال: نعم. اكتب يا غلام، تحمل أرزاقهم إليهم. هل من حاجة غيرها يا أبا محمد؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، أهل ذمتكم لا تجبى صغارهم، ولا تتعتع كبارهم، ولا يكلّفون ما لا يطيقون، فإن ما تجبونه معونة لكم على عدوكم. قال: نعم. اكتب يا غلام، بأن لا يحمّلوا ما لا يطيقون. هل من حاجة غيرها؟ . قال: نعم. يا أمير المؤمنين، اتق الله فى نفسك، فإنك خلقت وحدك، وتحشر وحدك، وتحاسب وحدك، ولا والله ما معك ممن ترى أحد. قال: فأكب هشام، وقال عطاء، فلما كنا عند الباب، إذا رجل قد تبعه بكيس، ما أدرى ما فيه، أدراهم أم دنانير، قال: إن أمير المؤمنين أمر لك بهذه. قال: قل لا أسألكم عليه أجرا إن أجرى إلّا على الله ربّ العالمين. ثم خرج عطاء، ولا والله ما شرب عنده حسوة من ماء فما فوقها.

ومات عطاء بمكة سنة خمس عشرة ومائة. وقيل سنة أربع عشرة، وهو ابن ثمان وثمانين سنة، رحمة الله عليه ورضوانه.

٢٠٠٢ ـ عطّاف بن حسان بن أبى نمىّ الحسنى المكى:

[ .............. ] (١).


٢٠٠٢ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>